الجمعة، 27 يوليو 2012

الفتى الذي ذهبت كلاكيته إلى مكة

حسنا، بدأت القصة قبل 3 أيام حيث نبهني صديق لي أن الحذاء "أبو عين" الذي أنتعله قد قارب على الإنتحار حرقا من شدّة الأعطاب التي لحقت به، وأفترض أنك تعرفنا نحن الجزائريين نؤمن بمدأين: حذاء واحد لـ(المشي والعمل والجري ولعب الكرة والذهاب إلى المسجد وركل الأعداء والمشاركة في الأولمبياد..و..باختصار: حذاء واحد يقوم بكل شيء" ، أما المبدأ الثاني فهو" لا تتخلّ عنه مادام شبه صالح" ، حتى لو كان هاتفك النقال يتعطّل 33 مرة كل 10 ثوان، وحتى لو كانت أريكة في الصالون قد أخرجت أمعاءها السلكية، حتى لو كان جهاز التحكم الخاص بالتلفاز يحتاج إلى عضّة أو عضتين على مستوى أعضائه البطّارية، مادامت تعمل، إستعملها.
لكن بما أن شهر رمضان، هو شهر التغيير وكسر الروتين وإحداث الجديد في حياة الإنسان، آثرت أن أكسر هذا الصنم، وإحزر ماذا:
لقد اشتريت كلاكيت!

Adidas Claquette Calo 4 M Chaussures homme  Chaussures homme | Indoor & Training  ADIDAS
يومان جميلان من المشي المريح لا يخلوان من القليل من التفاخر بالكلاكيت الجديدة ثمّ oops! دائما هنالك "أوبس" في الموضوع، فالأفراح لا تدوم، الأشياء الجميلة دائما تنتهي بسرعة، لذلك الآيس كريم سريع الذوبان، والبرنامج التلفزيوني المفضل لديك ينتهي بسرعة، الأشياء الجميلة لا تدوم...لكن يومان في حياة الكلاكيت هو زمن قصير جدّا، العبد حينما يشتري كلاكيت في هذا الصيف يتمنى أن تكمل معه على الأقل هذا الفصل الساخن ثم إن شاءت يمكنها الإعتزال في أوج عطائها، هل تقطّعت الكلاكيت؟ لا، هل تمزّقت؟ لا، هل سرقها ابن الجيران من شدّة غيرته منّي؟ أصلا أبوه يمتلك محلّ بيع أحذية، ماذا حصل؟
قررت الكلاكيت أنه شهر التوبة والإستغفار، وأن الصلاة في مكة تعادل 100 ألف صلاة، ماذا فعلت المسكينة؟ ببساطة، طارت إلى مكة! شخصيا لا أدري ماهي الذنوب المحتملة التي يمكن أن ترتكبها كلاكيت عمرها يومان حتى تذهب إلى مكة طلبا في المغفرة، لكن أعلم يقينا أنها غلطتي بالدرجة الأولى، أنا الذي كنت أوجهها مباشرة لمشاهدة صلاة التراويح في الحرم المكي أثناء الإفطار عبر التلفزيون، في الوقت الذي تشاهد أحذية الجيران والأصدقاء التلفزة الجزائرية وتستمتع بإعلانات القهوة التي "بنتها هايلة"، والعجائن التي "ريحتها شحال بنينة".
قرّر الوالد الكريم أن الكلاكيت التي أرتديها جيّدة، في البداية وافقته طبعا من باب الإفتخار "طبعا جيّدة وإلاّ لما اشتراها ابنك" ، لكن هنالك مرحلة يصل فيها ثناء شخص ما على حاجياتك تكتشف فيها أنه لا يمدح هذه الأشياء مجانا، بل يريد أن يستعيرها منك فتبدأ بالهجوم المعاكس بذمّ ذلك الشيء "لالا ليست جيدة أبدا، في الحقيقة رجلاي تتعذبان في الداخل و..." لكن عندما يصل إلى حد ما، تعرف أنه لا يمانع في قتلك إذا اقتضى الأمر مقابل استعارة ذلك الشيء، حتى لو كانت "كلاكيت" عمرها يومان.
المهم، كان الوالد قد قرر أنه سيقوم بعُمرة في رمضان، وبما أن درجة الحرارة هنالك لا تخفى على أحد فقد رأى أن اصطحاب الكلاكيت إلى هناك لا مفرّ منه، وما كان مني إلا الإستسلام، في النهاية هنالك شيء من الشرف في الموضوع، أنت تفتخر عندما يذهب صديق لك للدراسة في أمريكا، وتفتخر إذا ذهب قريب لك إلى العمرة، صحيح أن الأمر مختلف مع "كلاكيت" مصنوعة في الصين، لكن ما العمل.
ألقيت اليوم النظرة الأخيرة على الكلاكيت وكأنني رأيت الـtroll face على وجهها  وسمعت صوتها يقول لي " أنا ذاهبة إلى مكّة هاهاها وأنت ستتعفّن هنا هاهاهاها عُد إلى لبس الحذاء "أبو عين" ولا تنسَ إخراج القمامة ..... هاها.......هاهاهاهاهاها"
هل تذكر عندما تحدثت عن الكيس المحظوظ في هذه التدوينة؟ المصادفة الثانية أن كلاهما حدثا في رمضان!
صح رمضانكم، صح فطوركم، وتابعوا القنوات التي تنقل البث المباشر من الحرم على يوتيوب لعلكم ترون الكلاكيت تاعي يلوّح لكم.

الجمعة، 20 يوليو 2012

to be continued

1
وسط المدينة، حيث تنشر السيّدات غسيلهن على أسطح العمارات، حيث الأغاني الشعبية لا تتوّقف، حيث المقاهي أسفل العمارات ممتلئة عن آخرها طول النهار، أناس سعداء يستمتعون بشرب القهوة وتجاذب أطراف الحديث طول اليوم؟؟ أم عاطلون مليئون بالهموم لا يجدون مكانا غير مقهى يجمعهم ويوفّر لهم حق إبداء الرأي ومقعدا مجانيّيْن؟ الأول وجهة نظر السلطة والثاني وجهة نظر الشعبي البسيط، والحق مختف بينهما.
 لقد مضى وقت طويل منذ آخر مرّة تجوّلت فيها في هذا الجزء من المدينة..على كل حال لا شيء يتغيّر هنا، نفس الخضّار العصبي، نفس بائع الملابس الذي يحتل الرصيف، لماذا عليه أن يقوم بكراء محلّ إذا كان يستطيع عرض بضاعته هنا؟ لماذا ينتظر أن يأتي المشترون إليه، إذا كان يستطيع أن الذهاب إليهم؟
 نفس الطرق المهترئة، حسنا ربّما تغيّر بائع (المعدنوس) الصغير ذاك، فعلا إنّه يكبر سريعا.. شيئان يتغيران في هذه المدينة: "ماركات" سيارات الأغنياء الفاخرة، واسم "مير" البلدية، للأسف لا تتغيّر الممارسات ، فقط الأسماء.
 يبدو أنّ أحدهم قد اشترى لابنه سيّارة رباعية الدفع بالميزانية المخصصة لإصلاح الرصيف، الآن سأصل إلى المقهى الذي ألتقي فيه عماد، وحذائي (المهترئ أصلا) متّسخ، لنأمل فقط أن ابن هذا المسؤول يملك رخصة سياقة حقيقية، ولم يشترها بالميزانية المخصصة للصرف الصحيّ، لا نريد المزيد من حوادث المرور.
أرجو الإنتباه، أرجو الإنتباه..
ما سأتحدث عنه في غاية الخطورة والجديّة، لا مكان للمزاح هنا،
محدثكم يدعى فؤاد، شاب في الرابعة والعشرين من العمر، طالب جامعي، تخصص صيدلة، أعرف عماد منذ سنوات، لم نعد نتحدّث كثيرا مؤخرا ولا أعرف صراحة ماذا يريد بدعوتي للحديث في المقهى، أصلا ما أعرفه أنه ليس رجل مقاهي،إنّه يكرهها، يستحسن أن يكون ما دعاني من أجله مهمّا و إلاّ، في الواقع لايهمّ..عصير بارد مجّاني يفي بالغرض وزيادة.
كما قلت ، أنا طالب صيدلة، أو هكذا يتّفقون على تسميتي، هل سمعت بتلك الشائعة التي تقول أن جامعة الصيدلة تخرّج أكبر مدمني المخدّرات في البلد؟ يمكنك القول أنني مثال يؤكّد صدقية تلك الشائعة، طبعا لم أولد هكذا، جميعنا نولد أبرياء نطيع أمّنا ونُقْسِم أن شعرنا كان أشقر و لون بشرتنا كانت بيضاء ناصعة عندما كنّا أطفالا.
 لا أحد يولد مدمنا للمخدّرات، أنت تعرف التفاصيل، القصّة الكلاسيكيةّ، مراهق مجتهد، تصطدم بواقع الجامعة، لا جودة في الدروس و لا انضباط عند الطلاب ، الأغلبية الساحقة من الأساتذة مرتشون بالمال نقدا......وحسنا..القلّة الباقية من الاساتذة تقبل الدفع بالتقسيط!، وإدارة جامعيّة مهمّتها التنصّت على الطلبة و إعطاء تقارير دورية عن نشاطاتهم المشبوهة ، شهران للصدمة، 3 أشهر للتكيّف ، في الشهر الخامس تلتقي بأحد الطلاب القدامى، تبدأ في استهلاك مواد كيميائية تسرقها خلسة من مختبر التجارب في الجامعة، ثمّ..إبتسم: أنت مدمن مخدّرات،
دواء أم مخدّر؟ تختلف التسمية حسب كميّة الجرعة،
طفولتي عاديّة، وأقصد بعاديّة، أنني كجميع أصدقائي كُسِرتْ لي ساق أو ذراع أثناء لعبي لكرة القدم طوال الوقت، أحيانا تتوفّر كرة أحدنا و أحيانا كيس حليب مملوء بـ"الأشياء" تجعله -أي كيس الحليب- يشبه الكرة، وهات الكرة يا رونالدو.  كنت وأصحابي نتعارك يوميّا كنوع من التسلية، جرّبت السجائر مع أحدهم و كجميع الأطفال نلت أشدّ العذاب من أبي بعد أن اكتشف ذلك من رائحة ملابسي، طبعا أبي مدخّن!، ولا يحقّ لك أن تسأل ذاك السؤال "الوقح" (لماذا  مسموح لك يا أبي أن تدخّن بينما أعاقب أنا على ذلك؟) جرّبَ أخي سؤال أبي ذلك ، أعتقد أنه نال عقابا أكبر من الذي نلته أنا عندما اكتشف أنني دخّنت، كنت صغيرا وأحب أبي .. إنّه على حقّ دائما، الأب على حقّ دائما ولابدّ أنّ له حجّة وسببا مقنعيْن لتدخينه، سببا لا يمكن أن يدركه عقلي الصغير. كيف لهذا الشعب ذي العقل الصغير والخبرة المعدومة أن يجرؤ و يسائل حكومته عن سبب تدخينها؟ أصلا لو تأمّلت كلمة حكومة ستجد الكثير من "الحكمة"، لذلك يمكنك أن تنام مطمئنّا واثقا أنّ ضرائبك وأموالك كلّها تصب في شيء ما، شيء يفيد عائلتك، صحيح أن لا أحد يعرف تحديدا ما هذا الشيء، المهم أن عندهم "مكاتب" و"محاسبون" و"كمبيوترات"، كل هذه التجهيزات والبروتوكولات تقول أن لابد أنهم يقومون بأشياء كبيرة تعجز عقولنا المتواضعة عن فهمها، حتى إن كنا لا نرى أي شيء يتغير على أرض الواقع، وإيّاك أن تسأل حكومتك السؤال الذي كنت تتحرّج أن تسأله أباك "لماذا تدخّن"؟
http://international.iteem.ec-lille.fr/wp-content/uploads/2010/06/to-be-continued_39948_2478.jpg
------------------
الجزء الأول. رمضان كريم.

الأحد، 1 يوليو 2012

تفاصيل دراسية

هممممم ظهرت نتائج امتحانات الباكالوريا هنا :) أغتنم الفرصة لأتحدث قليلا عن تفاصيل دراسية هنا في الثانوية، المعلمون عليهم أن يدركوا بعض الحقائق، نحن الطلاّب لا نذهب يوميا في وقت مبكر من أجل الغرق في صفحات طويلة من الأعداد والأشكال والمنحنيات، نريد أشياء سريعة، أشياء خطيرة، أشياء ملوّنة!*، غالبا أنت  تأتي إلى المدرسة من أجل مشاهدة لقطة أستاذ علوم يحرج نفسه بالدّوس على خيوط حذائه والتعثر أمام الجمهور المحترم الذي لا يكفّ عن إلقاء النكت عن هذا الفعل إلى آخر الفصل الدراسي، إذا كان هذا الأستاذ محظوظا بأستاذ رياضيات أخرق يسكب القهوة على ملابسه الرسمية أو يجلس على مقعد به مقلب العلكة المعروف، وبذلك ينجو أستاذ العلوم من السخرية عن طريق تسليط الأضواء على أستاذ الرياضيات، أو ربما هو بذاته من جهّز مقلب العلكة لذات الغرض؟!

أستاذات اللغة العربية هنّ الأكثر تقلّبا في الآراء، يكفي أن تصدمها مرّة بجملة "مساء الخير يا أستاذة" حتى تثني على القسم كلّه.. وتعتبره أحسن قسم في الثانوية، وربما من بين "أحسن الأقسام التي صادفتها" طوال مسيرتها المهنية، وفي المقابل.. يكفي أن ترتفع الأصوات دردشة خلال إلقائها لقصيدة من روائع البحتري أو نبذة من نفائس الفخفخاني* حتى تعتبر ذلك إهانة لها وتبدأ في إلقاء أسطوانة أن "هذا الجيل لا يقدّر الأدب ولا يحترمه، وأن الذوق الأدبي في انحدار" والقليل من "أنتم أسوء قسم قابلته في حياتي" ما أسهل اكتساب احترام أساتذة الأدب، وما أسهل فقدانه! لهذا تجد الكثير من الطلاب الذين يعانون من إمكانتية الرسوب وإعادة السنة يتجهون مباشرة إلى أساتذة الأدب لأنهن الأسهل في التحايل واللعب على المشاعر، تكفي رشّة من قصيدة للمتنبي أن تجعلها تغيّر رأيها في علامات الفرض والتقويم المستمر. إحدى الحيل التي كثر انتشارها في الأيام الأخيرة هي رنّة الهاتف النقال التي تشبه رنة الجرس المدرسي الذي يعلن عن انتهاء الدوام المدرسي، فيقوم الطلاب باستعمالها من أجل الخروج مبكّرا، لكن يبدو أن المخلوق الأستاذي قد طوّر أذنه بحيث جعل درجة حساسيتها تفرق بين الهاتف والجرس، تطوّر ملحوظ! لكن نتمنى مستقبلا استخدام هذه الخاصية عندما ينادي التلميذ أن "أريد الذهاب إلى المرحاض"!
---------------------------
*قرأت عبارة مشابهة من قبل.
*لا أدري صراحة إن كان مثل هذا الإسم موجود فعلا.