الثلاثاء، 26 نوفمبر 2013

القاعة 2.11

مَنْ العبقري الذي قرّر أن على طلاّب الجامعة أن يغيّروا قاعة الدراسة كل ساعة ونصف؟ لقد جعلني أبدو كالمجنون أمس!
بعد أن وصلت  إلى الجامعة قبل الوقت بـ 10 دقائق، متفائلا بيوم جديد .. أستمتع بهذه الدقائق المعدودة التي لن أشعر فيها بأنني أغبى شخص في القاعة،  هذه دقائق ثمينة، لأنها ستنتهي بعد .. تحديدا 10 دقائق! لكن لا..ليس هذه المرة..
اتجهت حيث يعلّقون "جدول التوقيت" مرفقا بالقاعات التي تدرّس فيها كل مادة، ألقيت نظرة، مكتوب 2.11 ، وكما فهمت فهذا يعني الجناح 2 - القاعة رقم 11 ، في السابق كنت دائما أتجه إلى قاعات الدراسة مع أحدهم، فهو يتولى مهمة إيجاد القاعات فلا أعير هذه المشكلة اهتماما..
حسنا، ما مدى صعوبة الوصول إلى قاعة كهذه؟ لنرى..دخلت الجناح 2، الطابق الأرضي حيث يفترض أن أجد -منطقيا- القاعات 1 ، 2 حتى 14 لكن هذا الطابق لا يحتوي على قاعات دراسة، فقط قاعات للأساتذة والإدرايين ومكاتب يملؤون بها أوراقا تبدو مهمة..
لا بأس، صعدت الدرج إلى الطابق الأول، لأجد أن القاعات تبدأ من رقم 22 !  أين اختفت القاعات من 1 حتى 21؟ حسنا، قلت لعل الترتيب معكوس، أي ربما القاعات الأولى موجودة فوق في الطابق الثالث، وكلما نزلت كلما زاد الرقم، صعدت طابقا آخر لأجد أرقام القاعات تتراوح في الخمسينيات! لاحظ أن الوقت بدأ يضيع هنا... لكن لا بأس، هذه الأشياء تحصل للطلاب الجدد، أنا واثق أن الجميع لديهم قصة مشابهة لأيامهم الأولى في الجامعة،
قلت بما أنني أغبى من أجد مجرد قاعة، أسأل أحدهم لعله يسهل المهمة، الأول أخبرني أن القاعة المرغوبة تقع خارج هذا الجناح أصلا، والآخر أخبرني أنه -منطقيا- فإن القاعة تقع في الطابق الأرضي، والثالث اعترف أنه لم يرها من قبل، فرحت بهذه الإجابات فقد جعلتني أتفاءل بأنني لست الأغبى كما كنت أتصوّر، احترمت فقط من اعترف بعدم معرفته،
بعد كلّ هذا "العكّ" قمت صعدت إلى أعلى طابق، ليس بهدف الإنتحار كما كانت تظنّ تلك الفتاة التي كانت تنظر إليّ وأنا أتذمّر بصوت عالٍ، ولكن بهدف القيام بمسح شامل لهذا الجناح لعلّني أجد دليلا ما، بعد الصعود والهبوط أجد نفسي في الجناح الأول فأعود أدراجي ثم أصعد الدرج فأجد نفسي تحت! بعد هذا الذهاب والإياب بدأت أعتقد بأنني في كلية سحرية أو ماشابه بها أكثر من ثلاثة أبعاد! حتى جاء الفرج، وجدت ورقة معلقة على الحائط بها سهم يشير إلى اليسار وبه رقم القاعة المطلوبة " 2.10 ، 2.11 ، 2.12" ، الحمد لله وآخيرا!!!  فكرتني بهذه اللقطة..
http://www.youtube.com/watch?v=yhFI5a33Xkw
لكن لحظة، اليسار به بابان، واحد يقود إلى درج باتجاه الطابق العلوي، والآخر باتجاه درج يقود إلى الخارج ربما إلى جناح آخر، طبعا اخترت الدرج الخاطئ، دائما نختار الطريق الخطأ في البداية مما يذكرنا بمعاناتنا مع مفتاح الـ usb ، عدت أدراجي لأختار الطريق الصحيح، صعدت الدرج، وجدت القاعة والرقم مدوّن عليها فهممت بالدخول، أخيرا!
لحظة، هذا ليس أستاذي، هؤلاء ليس زملائي، ولك أن تتخيل كيف كنت أبدو وعلامات السرور بإيجاد القاعة من جهة بادية على وجهي، والأستاذ ينظر إليّ مفكّرا أن " who the f**ck are you" ،
تلعثمت وسألته أن " premiére année sth?" فأجاب بالنفي، فعدت أدراجي، طبعا كانت محادثة محرجة لأنني نسيت إلقاء السلام وقلت merci بدلا من excusez moi ، لكنني تعوّد على هذه الأمور، صارت عندي مناعة! لكن أين قاعتي الآن، هذا لم مسلّيا بعد الآن! نزلت بضع درجات، وجدت ورقة معلقة على السلم أن مجموعتنا تدرس في القاعة 12 ليس 11 رغم أن هذا يتناقض مع ما كتب في جدول التوقيت الأصلي، فتحت القاعة 12 فوجدت الأوغاد قد بدؤوا منذ أكثر من نصف ساعة، وبدأت حلقة الشعور بأنك أغبى شخص داخل القاعة، فمرحبا بها.
كم أعشق الثانوية!
إنها بسيطة، واضحة، ثلاثية الأبعاد.. تدخل القسم، تجلس في طاولتك، تدرس وتعود إلى بيتك!

السبت، 16 نوفمبر 2013

عشرة أسباب للتوقف عن الدراسة بالفرنسية

أردت في هذا المقال أن أحاول جمع عشرة أسباب قد تدفعنا للتوقف عن استعمال اللغة الفرنسية في الدراسة الجامعية، بعيدا عن الحديث الفلسفي عن أن لغة الضاد كانت يوما ما أفضل لغة في العالم وأن هناك مخطط صهيوني عالمي لقتلها وبعيدا عن البكاء عن الأطلال، لنتّسم قليلا بالواقعية.. ولنحاول الإجابة عن السؤال.

1. لأن خصمك يدفعك لهذا الإتجاه.

أتذكر أنني في أحد الأيام حضرت مباراة لكرة السلة بين فرق المدارس المتوسطة، ما إن بدأ الشوط الثاني حتى بدا وكأن  الفريق الرابح دفاعه تهاوى، سلته مكشوفة جدا، إنه لا يدافع، بل فقط يتظاهر بأنه يدافع..إستغل الفريق الخاسر ذلك وبادر بتسجيل سلّة، ثمّ صفّر الحكم محتسبا الهدف...محتسبا الهدف لصالح الفريق الرابح! لقد كان الفريق الرابح يتظاهر بالدفاع عن السلة رغم أنها لم تكن سلته أصلا، بل كان سلة الفريق الآخر الذي نسي أنه يحدث تبادل للسلاّت عند نهاية الشوط...إذا كان خصمك يدفعك باتجاه ما، ففكّر مرة أخرى، ربما أنت تسجّل هدفا لصالح خصمك
ما فعله الإستعمار الفرنسي هنا في الجزائر هو أنه قام بكلّ ما استطاعه ليمنع تدريس  اللغة العربية واستبدالها أينما وجدت باللغة الفرنسية، سواء في الشوارع أو أسماء المحلات، وطبعا: المدارس. لماذا يا ترى؟ لا أدري تحديدا، لكن إذا كان خصمك (فرنسا في هذه الحالة) يدفعك بشدّة إلى استعمال الفرنسية، فربما أنت تسجل هدفا لصالح خصمك، دون أن تشعر.

2. لأن الطلبة يعانون من معضلة "المطبّ".

تغيير اللغة التي درست بها في الإبتدائية (6) ثم المتوسطة (4) ثم الثانوية (3)، أي لمدة (6+4+3=13) سنة إلى لغة أخرى ستنتج عنه معضلة "المطبّ"، وهي الحفرة الموجودة بين طريق وآخر، عندما تبدأ الدراسة في الجامعة بلغة جديدة، لايوجد تمهيد لذلك، لايوجد حصة يجمع فيها الأستاذ التلاميذ ويقول لهم " يا أبنائي، التسارع سيصبح acceleration، والأمواج ستصبح ondes ، والتكامل سيصبح integration) ، يوجد هذا فقط في أحلامك، لذلك الكثير من الطلاب (زملائي) يشعرون بهذا المطب أو الهوّة بين التعليم الثانوي والتعليم الجامعي فقط لمجرد تغيير اللغة، مما يدفع العديد منهم إلى متابعة الدروس مستعملين القواميس وكتيبات الترجمة، وهذا يدفعنا للحديث عن النقطة التالية.

3. توفير للوقت والجهد والمال.

الطلبة الذين درسوا طول حياتهم باللغة العربية منتقلين إلى الفرنسية في الجامعة كثير منهم يضيع الكثير من الوقت في الترجمة، والبحث في الكتب عن مقابل كل كلمة بالعربية، أحيانا كلمة واحدة كفيلة بفهم الدرس كله، بعضهم يتجه لدروس دعم وتقوية للفرنسية في مدارس تعليم اللغة، كان يمكن توفير كل هذا الجهد والوقت والمال في مجالات أكثر أهمية وأكثر ارتباطا بالمجال الذي يدرسه الطالب، فإذا كان يدرس الميكانيك مثلا، فكان يمكن أن يستغل المال والوقت اللذان يدفعهما شهريا في الحصول على دورات في الميكانيك أو القيام بتدريبات بشركات لها علاقة بمجال درسته، أو حتى تعلم مجال آخر! بدل تضييع كل ذلك في اللغة.

4. لأن الفرنسية ليست بذلك الإنتشار.

أينما ذهبت يمكنك أن تشعر بذلك، فقط نظرة سريعة عن الدول التي تستعمل الفرنسية كفيلة بتوضيح الفكرة، فماعدا فرنسا وكندا وسويسرا، جميع الدول التي تستعمل الفرنسية هي دول من العالم الثالث.
الأنترنت هي وسيلة مساعدة جدا للطلبة الجامعيين فيما يخص المصادر والدروس والحصول على الدعم الدراسي اللازم، أي مستعمل للأنترنت يعلم أنه لا مجال للمقارنة أبدا بين المحتوى الفرنسي والمحتوى الإنجليزي، في الفرق في الكم والنوع، الفرق بينهما شاسع، هذا سيؤثر طبعا على الطلبة، فبدلا من أن نفتح أمامهم فضاء الأنترنت بحريته وقوّته وتنوّعه، سيبقى الطالب حبيس الـ 3% من محتوى الإنترنت.

5. لأن دولا مثلنا تفعل ذلك.

قرأت عن دول إفريقية عانت الإستعمار مثلنا في القرن الماضي تتجه ليس فقط إلى ترك الدراسة باللغة الفرنسية، بل حتى داخل أروقة الدولة،  للأسف لم أستطع الحصول على رابط لذاك الخبر لكن لابأس لأن هذا مجرد مقال في مدونة وليس رسالة دكتوراه ينبغي الإستشهاد بكل كلمة تتفوه بها، 
العقود الخمسة الماضية بعد الإستقلال كانت الدراسة الجامعية فيها (غالبا) بالفرنسية، وكما نرى، ذلك لم يجدي نفعا أبدا، لذلك فلنجرب شيئا جديدا، ربما تغيير اللغة سيكون له تأثير الدومينو على مستوى التعليم الجزائري هنا، ربما قد يحرّك ترسا أو مسننا يقوم بجعل الآلة العملاقة تشتغل. لن نخسر شيئا أكثر مما خسرناه لحدّ الآن!

6. لأنك ستساعد أخا هناك.

عليك أن تخرج من مكتبك المكيّف داخل مبناك العتيد وتنزل إلى الناس يا عزيزي.
لقد  درست مع أشخاص لم يكن لديهم في مدارسهم أساتذة فرنسية أصلا، أي أنهم لم يحظوا حتى بفرصة تعلم أساسيات اللغة كالحروف والنطق وكتابة الجمل البسيطة! وأنا لا أبالغ أبدا. إذا كان الطلاب لم يتعلموا أساسيات لغة، فكيف تريدهم أن يتعلموا الكيمياء والفيزياء عبر أخذ محاضرات يتحدّث فيها الأستاذ المحاضر خلالها بالفرنسية لمدة ساعتين متواصلتين؟  أن تدرّس باللغة العربية أو لغة أكثر انتشارا كالإنجليزية هو أمر قد يغيّر حياة أحدهم نحو الأفضل، الكثير من القصص التي تروى عن أشخاص موهوبين وأذكياء، حطّمهم عدم معرفتهم التامة أو الكافية باللغة الفرنسية.

7. هل الدراسة بالعربية بهذا السوء؟

لا. وهذا ليس رأيي.
 هذا ما تقوله الأدلة حول طلبة الطب السوريين الذي درسوا الطب بالعربية واستطاعوا الحصول على الإعتراف من المؤسسات الأمريكية.
إسرائيل إستطاعت إحياء اللغة العبرية من العدم وأرغمت في بداياتها موظفي الدولة بتعلمها وسرعان ما قامت بـ"عبرنة" التعليم، التعليم في إسرائيل يقدم بالعبرية من السنة الأولى وحتى التخرج من الجامعة..ولم نسمع أحدهم يقول "العبرية لغة ميّتة، العبرية تخلّف! العبرية لغة الشعر والأدب!"

8. الإنتقال إلى لغة أوسع إنتشارا يفتح آفاقا واسعة.

تخيل كم المعلومات التي ستتاح للطلاب (كتب، فيديوهات، أبحاث، منتديات) توفرها الأنترنت مثلا، وقارنها بمثيلتها باللغة الفرنسية، لا مجال للمقارنة أصلا،  هل تعلم أن المحتوى العربي على الأنترنت (رغم قلته والجدل حول جودته) يبقى أكبر من مثيله بالفرنسية؟
صحيح أن هذا المقال يتحدث عن (عدم استخدام الفرنسية) أكثر من (أهمية استخدام العربية) لأن هنالك بدائل أقوى فعلا كالإنجليزية، لكن سنتحدث عن ذلك في النقطة الأخيرة.

9. لأن هذا ... منطقي؟

نعم. ببساطة منطقي، لو أخبرني أحدهم أن الدولة x يدرس أبناؤها 13 سنة باللغة 1 ، وعندما ينتقلون إلى الجامعة يواصلون الدراسة باللغة 1 ويسألني عن تعليقي فسأجيب: تصفيق! هذه عبارة منطقية! جميل. لكن إذا أخبرني أنهم يدرسون 13 سنة بلغة 1 يبدؤن في السنة الثالثة من هذه الـ13 سنة دراسة اللغة 2 ، وينتقلون كليا إليها في الجامعة ، ورغم ذلك مازالوا يجدون صعوبات في التعامل معها والبعض يوقف مسيرته الدراسية بسببها، فسأجد ذلك غير منطقي، غير منطقي إطلاقا.
الضربة القاضية؟ إسرائيل، من خلال جامعة تل أبيب، قامت بتقديم كورس باللغة العربية عن تقنية النانو عبر موقع كروسيرا، لكن ..أنت تعلم، العربية لغة الشعر والأدب والتخلف والجهل.

10. لأن ذلك يربطنا بمن حولنا.

أن تستعمل لغتك، فأنت توطّد العلاقات مع من حولك من الدول العربية، العالم سيحترمك أكثر لأنك تحترم لغتك الأم،  تخيل أن تكون الدراسة في الجامعات العربية كلها باللغة العربية، هذا سيجعل من السهل عملية توحيد المناهج، تخيل كم المؤتمرات والندوات والمحاضرات المشتركة التي نضيعها، تخيل أن تجد الدرس الذي لم يشرحه أستاذك الجزائري بصفة كافية مشروحا على يوتيوب من طرف أستاذ مصري مهضوم يلقي النكت وينطق القاف ألِفًا طوال الوقت، تخيل أن كتاب العلوم في مدرستكم سيئ جدا ورسوماته مملّة، ويمكنك أن تقوم بتحميل كتاب من الإنترنت للمنهاج الموريتاني أو اليمني باللغة العربية وبصور أجمل وأوضح، ألن يكون ذلك رائعا؟ 

الأحد، 10 نوفمبر 2013

على متن الشيء البرتقالي

يبدأ اليوم بعد آذان الفجر بقليل..
تتجه إلى وسط المدينة حيث موقف حافلات الجامعة البرتقالية (الحافلات هي البرتقالية..وليس الجامعة)، تصعد إلى إحدى الحافلات متمنيا أن تحظى بمقعد فارغ لم تستعمره الفتيات قبلك، هؤلاء الفتيات، أحيانا يخيّل إليّ أنهن يصلين العشاء وقيام الليل والفجر في المسجد المقابل ثم يتجهن مباشرة إلى مقاعد الحافلة، أو ربما يصلّين هنا، داخل الحافلة، إنهن دائما هنا باكرا!
تصعد إلى الحافلة مع أحدهم، يقول للسائق: "صباح الخير عمي السعيد"، فتردد أنت بعده: "صباح الخير عمي السعيد!".. تفكّر أنها ربما نوع من الشيفرة السرية كالتي كان يستعملها المجاهدون أيام الحرب مع فرنسا، لكنها ليست سوى "رشوة" لسائق الحافلة..حتى لا يطلب منك أن تُظهر "بطاقة الإستفادة من حقوق النقل" (تقتلو بالقدر).
تنطلق الحافلة، تبدأ الرحلة، ستكون محظوظا إن لم تجلس أمام شخص يملك سمّاعات أذن "خارجية"، أي أن الصوت الذي يصلك أكبر من الصوت الذي يسمعه من يرتديها بكثير، فإن كان كذلك، فستسمع أنواعا وأشكالا من الأغاني عن ذلك الذي تركته أستاذة مادة الرياضيات الخاصة به جريحا وحيدا لا يدري ما يفعل في هذه الدنيا، وأنه يعدها بأنه سوف يتجه إلى الدروس الخصوصية إذا استمرت هذه الحالة، ويعبر لها في الأغنية عن حالته الكئيبة بسبب غيابها (بسبب إضراب الأساتذة على الأرجح)، عجيبة هي مشاعر الطلاب اتجاه أساتذتهم، أم أن الأغنية كانت تتحدث عن امرأة أخرى؟ ربما كانت أستاذة العلوم، أم أنني لم أفهم الأغنية ؟ ربما، فهؤلاء الطلبة غريبون فعلا..
إذا غلبك النوم فأنت في فائدة عظيمة، إذا بدأ أحدهم معك حديثا داخل الحافلة فإليك هذه العبارة التي تصلح كإجابة على جميع الشكوى التي قد يحكيها لك أي طالب ، "لماذا لا تقومون بإضراب". هذه عبارة عبقرية، تصلح لكل شيء، وأعني فعلا كل شيء، إذا اشتكى لك عن كيف أنه طالب سنة أولى بيولوجيا وتحصل على معدل 7 من 20 ويرفضون السماح له بدخول برنامج  الدكتوراه منذ السنة الأولى رغم أنه متأكد أن ابن خالته قد سمحوا له بذلك منذ سبعتاعشر سنة، "كل ما نطلبه هو أن يعاملونا كالسنوات التي قبلنا، لماذا لا يفهمون" فأخبره أن "لماذا لا تقومون بالإضراب؟"، إذا اشتكى لك من سوء الطعام في المطعم وأن الجميع يتحدث عن هذه المادة المريبة التي يضعونها في الأكل ليتحكموا في عقول الطلبة ويجعلوهم أكثر غباءا فيحصلوا على نتائج سيئة لكي لا ينافسوا على مقاعد الماستر، فتبقى المقاعد فقط لأبناء مسؤولي إدارة الجامعة فأخبره "لماذا لا تقومون بالإضراب؟"، وإذا كان يروي معاناته مع الإضراب الذي يقوم به طلبة الفرنسية الذين يريدون تغيير أستاذهم لأنه ليس sympa ، فاسأله "لماذا لا تقومون بإضراب مضاد للإضراب الموجود أصلا" ..  فتبيعوا السيناريو لكريستوفر نولان ليقوم بفيلم جديد بعنوان grèveception فيستفيد الجميع..
تصل الحافلة بعد 45 دقيقة من السير، ينزل الطلبة واحدا واحدا، مقدّمين الحصة الثانية من "الرشوة" : "يعطيك الصحة عمي السعيد" ... فيجيب عمي السعيد: "بالسلامة يا ولادي"..