السبت، 15 فبراير 2014

فيلم gravity

أشاهد الأفلام من حين إلى حين، لست من أولائك الخبراء الذين يلاحظون أدق التفاصيل في كل لقطة ليعطوك مراجعة متكاملة لأي فيلم، في الواقع لا أشاهد الأفلام بصفة منتظمة، مشاهدة الأفلام بالنسبة لي تأتي دفعة واحدة، وغالبا في الفترات التي تكون معنوياتي غير رائعة إطلاقا، فأحاول أن أهوّن على نفسي بفيلم .. أو عشرة...........ليس عشرة، فمن خلال سرعة تدفق الإنترنت هنا أنت تعلم أن هذا مستحيل. لا علينا.
العنوان هو Gravity، ستحتاج القليل من العبقرية (التي أملك الكثير منها) لتعلم أنني قصدت الفيلم Gravity من بطولة الأخت ساندرا بولوك و جورج كلوني، وأشكرهم جدا على الأداء الجميل، لو أنني التقيت بهم في يوم من  الأيام في بومرداس فلن أتردد في دعوتهم إلى ساندويتش قرانطيطا من البرارك...غالبا لن يحصل لي هذا الشرف لأنهما غالبا لا يعرفان أين تقع بومرداس، ولو أنهما عرفا فغالبا سيكون جيبي فارغا ولا أريد أن أستدين من بائعي القرانطيطا وأنا في بداية مشوار حياتي العملية، أليست الأزمات المالية التي عانى ويعاني منها العالم كلها سببها الديون والقروض اللامنتهية؟ هذا لا يعني أنني لن أدعوهم إلى الغداء في مطعم الجامعة وقد أتكرم بشراء تذكرة بـ1,5 دينار، لكن لا أعتقد أن معدتهما التي تعودت على الهامبرغر والسوشي ستتعرف على مكونات الأشياء التي يقدمونها في مطعمنا.

الفيلم يحكي عن (وهنا لست بصدد حرق أحداثه كما أتمنى فهو واضح من التريلر) عن مهمة يقوم بها البطلان في الفضاء الخارجي، الكثير من المناظر الخلابة التي ستندهش عندما تعلم أنها كلها 3D وطبعا سيكون منظر لشروق الشمس والبطلان يستمعان به فيقولان "واااو" ، وتحصل مشاكل وسيكون هنالك نقص في الأكسجين وفقدان للأمل ونكات سيئة وثرثرة، كل هذا كنت واثقا أنني سأجده، لكن هنالك مشهد واحد بقي في ذاكرتي، مشهد تاريخي جدا، إنساني جدا، لا أعتقد أنه سينسى بسهولة، في هذا المشهد يمكنني أن أقول أن المخرج "تغلّب عليّ"،  المشهد الذي فقدت فيه ساندرا (لا أتذكر اسم الشخصية في الفيلم) فقدت فيه ساندرا الأمل في العودة إلى كوكب الأرض فقامت بإنزال مستويات الغازات التنفسية استعدادا للموت، ثم يبدأ السحر...

في الثواني التي تلي، مشهد يلخص الضرورة الإنسانية في الكفاح من أجل مواصلة الحياة، ذاك المشهد لا يتعلق بالفضاء الخارجي، ولا بفيلم للخيال العلمي، إنه يتحدث عني أنا وأنت، جميعنا علينا الكفاح والنضال من أجل ما يجعلنا "بشرا" وهو تحدي الظروف والصعاب حتى ولو بدت مستحيلة، من أجل الـsurvivng ، الحياة يجب أن تستمر! تبّا! كنت أشاهد الفيلم على الساعة الثانية صباحا وأردت أن أصرخ! نعم يا ساندرا! لكن خشيت أن أوقظ أحدهم ويعتقد أنني أحلم خلال نومي بهذه الـ ساندرا، أنت لا تريد إطلاقا أن تكون في موقف المنادي " ساندرا ساندرا !!" على الساعة الثانية صباحا، you just don't ..

 في العادة عندما أسهر إلى وقت متأخر فأني لا أذهب على الجامعة في اليوم التالي، لكن مع هذا الفيلم فقد فعلت، فهو يتحدث عن الذهاب إلى الجامعة وعدم الإستسلام للنوم! نعم قد يبدو استنتاجا غريبا لفيلم خيال علمي لا علاقة به الجامعة والنوم، لكن هذه متعة الأفلام، بها الكثير من الإسقاطات والرموز...
بالمناسبة أتذكر أن تلك الحماسة لم تدم طويلا فلم أذهب إلى الجامعة في اليوم الموالي، لكنها بداية جيّدة ! it's a good start though !
peace


الثلاثاء، 26 نوفمبر 2013

القاعة 2.11

مَنْ العبقري الذي قرّر أن على طلاّب الجامعة أن يغيّروا قاعة الدراسة كل ساعة ونصف؟ لقد جعلني أبدو كالمجنون أمس!
بعد أن وصلت  إلى الجامعة قبل الوقت بـ 10 دقائق، متفائلا بيوم جديد .. أستمتع بهذه الدقائق المعدودة التي لن أشعر فيها بأنني أغبى شخص في القاعة،  هذه دقائق ثمينة، لأنها ستنتهي بعد .. تحديدا 10 دقائق! لكن لا..ليس هذه المرة..
اتجهت حيث يعلّقون "جدول التوقيت" مرفقا بالقاعات التي تدرّس فيها كل مادة، ألقيت نظرة، مكتوب 2.11 ، وكما فهمت فهذا يعني الجناح 2 - القاعة رقم 11 ، في السابق كنت دائما أتجه إلى قاعات الدراسة مع أحدهم، فهو يتولى مهمة إيجاد القاعات فلا أعير هذه المشكلة اهتماما..
حسنا، ما مدى صعوبة الوصول إلى قاعة كهذه؟ لنرى..دخلت الجناح 2، الطابق الأرضي حيث يفترض أن أجد -منطقيا- القاعات 1 ، 2 حتى 14 لكن هذا الطابق لا يحتوي على قاعات دراسة، فقط قاعات للأساتذة والإدرايين ومكاتب يملؤون بها أوراقا تبدو مهمة..
لا بأس، صعدت الدرج إلى الطابق الأول، لأجد أن القاعات تبدأ من رقم 22 !  أين اختفت القاعات من 1 حتى 21؟ حسنا، قلت لعل الترتيب معكوس، أي ربما القاعات الأولى موجودة فوق في الطابق الثالث، وكلما نزلت كلما زاد الرقم، صعدت طابقا آخر لأجد أرقام القاعات تتراوح في الخمسينيات! لاحظ أن الوقت بدأ يضيع هنا... لكن لا بأس، هذه الأشياء تحصل للطلاب الجدد، أنا واثق أن الجميع لديهم قصة مشابهة لأيامهم الأولى في الجامعة،
قلت بما أنني أغبى من أجد مجرد قاعة، أسأل أحدهم لعله يسهل المهمة، الأول أخبرني أن القاعة المرغوبة تقع خارج هذا الجناح أصلا، والآخر أخبرني أنه -منطقيا- فإن القاعة تقع في الطابق الأرضي، والثالث اعترف أنه لم يرها من قبل، فرحت بهذه الإجابات فقد جعلتني أتفاءل بأنني لست الأغبى كما كنت أتصوّر، احترمت فقط من اعترف بعدم معرفته،
بعد كلّ هذا "العكّ" قمت صعدت إلى أعلى طابق، ليس بهدف الإنتحار كما كانت تظنّ تلك الفتاة التي كانت تنظر إليّ وأنا أتذمّر بصوت عالٍ، ولكن بهدف القيام بمسح شامل لهذا الجناح لعلّني أجد دليلا ما، بعد الصعود والهبوط أجد نفسي في الجناح الأول فأعود أدراجي ثم أصعد الدرج فأجد نفسي تحت! بعد هذا الذهاب والإياب بدأت أعتقد بأنني في كلية سحرية أو ماشابه بها أكثر من ثلاثة أبعاد! حتى جاء الفرج، وجدت ورقة معلقة على الحائط بها سهم يشير إلى اليسار وبه رقم القاعة المطلوبة " 2.10 ، 2.11 ، 2.12" ، الحمد لله وآخيرا!!!  فكرتني بهذه اللقطة..
http://www.youtube.com/watch?v=yhFI5a33Xkw
لكن لحظة، اليسار به بابان، واحد يقود إلى درج باتجاه الطابق العلوي، والآخر باتجاه درج يقود إلى الخارج ربما إلى جناح آخر، طبعا اخترت الدرج الخاطئ، دائما نختار الطريق الخطأ في البداية مما يذكرنا بمعاناتنا مع مفتاح الـ usb ، عدت أدراجي لأختار الطريق الصحيح، صعدت الدرج، وجدت القاعة والرقم مدوّن عليها فهممت بالدخول، أخيرا!
لحظة، هذا ليس أستاذي، هؤلاء ليس زملائي، ولك أن تتخيل كيف كنت أبدو وعلامات السرور بإيجاد القاعة من جهة بادية على وجهي، والأستاذ ينظر إليّ مفكّرا أن " who the f**ck are you" ،
تلعثمت وسألته أن " premiére année sth?" فأجاب بالنفي، فعدت أدراجي، طبعا كانت محادثة محرجة لأنني نسيت إلقاء السلام وقلت merci بدلا من excusez moi ، لكنني تعوّد على هذه الأمور، صارت عندي مناعة! لكن أين قاعتي الآن، هذا لم مسلّيا بعد الآن! نزلت بضع درجات، وجدت ورقة معلقة على السلم أن مجموعتنا تدرس في القاعة 12 ليس 11 رغم أن هذا يتناقض مع ما كتب في جدول التوقيت الأصلي، فتحت القاعة 12 فوجدت الأوغاد قد بدؤوا منذ أكثر من نصف ساعة، وبدأت حلقة الشعور بأنك أغبى شخص داخل القاعة، فمرحبا بها.
كم أعشق الثانوية!
إنها بسيطة، واضحة، ثلاثية الأبعاد.. تدخل القسم، تجلس في طاولتك، تدرس وتعود إلى بيتك!

السبت، 16 نوفمبر 2013

عشرة أسباب للتوقف عن الدراسة بالفرنسية

أردت في هذا المقال أن أحاول جمع عشرة أسباب قد تدفعنا للتوقف عن استعمال اللغة الفرنسية في الدراسة الجامعية، بعيدا عن الحديث الفلسفي عن أن لغة الضاد كانت يوما ما أفضل لغة في العالم وأن هناك مخطط صهيوني عالمي لقتلها وبعيدا عن البكاء عن الأطلال، لنتّسم قليلا بالواقعية.. ولنحاول الإجابة عن السؤال.

1. لأن خصمك يدفعك لهذا الإتجاه.

أتذكر أنني في أحد الأيام حضرت مباراة لكرة السلة بين فرق المدارس المتوسطة، ما إن بدأ الشوط الثاني حتى بدا وكأن  الفريق الرابح دفاعه تهاوى، سلته مكشوفة جدا، إنه لا يدافع، بل فقط يتظاهر بأنه يدافع..إستغل الفريق الخاسر ذلك وبادر بتسجيل سلّة، ثمّ صفّر الحكم محتسبا الهدف...محتسبا الهدف لصالح الفريق الرابح! لقد كان الفريق الرابح يتظاهر بالدفاع عن السلة رغم أنها لم تكن سلته أصلا، بل كان سلة الفريق الآخر الذي نسي أنه يحدث تبادل للسلاّت عند نهاية الشوط...إذا كان خصمك يدفعك باتجاه ما، ففكّر مرة أخرى، ربما أنت تسجّل هدفا لصالح خصمك
ما فعله الإستعمار الفرنسي هنا في الجزائر هو أنه قام بكلّ ما استطاعه ليمنع تدريس  اللغة العربية واستبدالها أينما وجدت باللغة الفرنسية، سواء في الشوارع أو أسماء المحلات، وطبعا: المدارس. لماذا يا ترى؟ لا أدري تحديدا، لكن إذا كان خصمك (فرنسا في هذه الحالة) يدفعك بشدّة إلى استعمال الفرنسية، فربما أنت تسجل هدفا لصالح خصمك، دون أن تشعر.

2. لأن الطلبة يعانون من معضلة "المطبّ".

تغيير اللغة التي درست بها في الإبتدائية (6) ثم المتوسطة (4) ثم الثانوية (3)، أي لمدة (6+4+3=13) سنة إلى لغة أخرى ستنتج عنه معضلة "المطبّ"، وهي الحفرة الموجودة بين طريق وآخر، عندما تبدأ الدراسة في الجامعة بلغة جديدة، لايوجد تمهيد لذلك، لايوجد حصة يجمع فيها الأستاذ التلاميذ ويقول لهم " يا أبنائي، التسارع سيصبح acceleration، والأمواج ستصبح ondes ، والتكامل سيصبح integration) ، يوجد هذا فقط في أحلامك، لذلك الكثير من الطلاب (زملائي) يشعرون بهذا المطب أو الهوّة بين التعليم الثانوي والتعليم الجامعي فقط لمجرد تغيير اللغة، مما يدفع العديد منهم إلى متابعة الدروس مستعملين القواميس وكتيبات الترجمة، وهذا يدفعنا للحديث عن النقطة التالية.

3. توفير للوقت والجهد والمال.

الطلبة الذين درسوا طول حياتهم باللغة العربية منتقلين إلى الفرنسية في الجامعة كثير منهم يضيع الكثير من الوقت في الترجمة، والبحث في الكتب عن مقابل كل كلمة بالعربية، أحيانا كلمة واحدة كفيلة بفهم الدرس كله، بعضهم يتجه لدروس دعم وتقوية للفرنسية في مدارس تعليم اللغة، كان يمكن توفير كل هذا الجهد والوقت والمال في مجالات أكثر أهمية وأكثر ارتباطا بالمجال الذي يدرسه الطالب، فإذا كان يدرس الميكانيك مثلا، فكان يمكن أن يستغل المال والوقت اللذان يدفعهما شهريا في الحصول على دورات في الميكانيك أو القيام بتدريبات بشركات لها علاقة بمجال درسته، أو حتى تعلم مجال آخر! بدل تضييع كل ذلك في اللغة.

4. لأن الفرنسية ليست بذلك الإنتشار.

أينما ذهبت يمكنك أن تشعر بذلك، فقط نظرة سريعة عن الدول التي تستعمل الفرنسية كفيلة بتوضيح الفكرة، فماعدا فرنسا وكندا وسويسرا، جميع الدول التي تستعمل الفرنسية هي دول من العالم الثالث.
الأنترنت هي وسيلة مساعدة جدا للطلبة الجامعيين فيما يخص المصادر والدروس والحصول على الدعم الدراسي اللازم، أي مستعمل للأنترنت يعلم أنه لا مجال للمقارنة أبدا بين المحتوى الفرنسي والمحتوى الإنجليزي، في الفرق في الكم والنوع، الفرق بينهما شاسع، هذا سيؤثر طبعا على الطلبة، فبدلا من أن نفتح أمامهم فضاء الأنترنت بحريته وقوّته وتنوّعه، سيبقى الطالب حبيس الـ 3% من محتوى الإنترنت.

5. لأن دولا مثلنا تفعل ذلك.

قرأت عن دول إفريقية عانت الإستعمار مثلنا في القرن الماضي تتجه ليس فقط إلى ترك الدراسة باللغة الفرنسية، بل حتى داخل أروقة الدولة،  للأسف لم أستطع الحصول على رابط لذاك الخبر لكن لابأس لأن هذا مجرد مقال في مدونة وليس رسالة دكتوراه ينبغي الإستشهاد بكل كلمة تتفوه بها، 
العقود الخمسة الماضية بعد الإستقلال كانت الدراسة الجامعية فيها (غالبا) بالفرنسية، وكما نرى، ذلك لم يجدي نفعا أبدا، لذلك فلنجرب شيئا جديدا، ربما تغيير اللغة سيكون له تأثير الدومينو على مستوى التعليم الجزائري هنا، ربما قد يحرّك ترسا أو مسننا يقوم بجعل الآلة العملاقة تشتغل. لن نخسر شيئا أكثر مما خسرناه لحدّ الآن!

6. لأنك ستساعد أخا هناك.

عليك أن تخرج من مكتبك المكيّف داخل مبناك العتيد وتنزل إلى الناس يا عزيزي.
لقد  درست مع أشخاص لم يكن لديهم في مدارسهم أساتذة فرنسية أصلا، أي أنهم لم يحظوا حتى بفرصة تعلم أساسيات اللغة كالحروف والنطق وكتابة الجمل البسيطة! وأنا لا أبالغ أبدا. إذا كان الطلاب لم يتعلموا أساسيات لغة، فكيف تريدهم أن يتعلموا الكيمياء والفيزياء عبر أخذ محاضرات يتحدّث فيها الأستاذ المحاضر خلالها بالفرنسية لمدة ساعتين متواصلتين؟  أن تدرّس باللغة العربية أو لغة أكثر انتشارا كالإنجليزية هو أمر قد يغيّر حياة أحدهم نحو الأفضل، الكثير من القصص التي تروى عن أشخاص موهوبين وأذكياء، حطّمهم عدم معرفتهم التامة أو الكافية باللغة الفرنسية.

7. هل الدراسة بالعربية بهذا السوء؟

لا. وهذا ليس رأيي.
 هذا ما تقوله الأدلة حول طلبة الطب السوريين الذي درسوا الطب بالعربية واستطاعوا الحصول على الإعتراف من المؤسسات الأمريكية.
إسرائيل إستطاعت إحياء اللغة العبرية من العدم وأرغمت في بداياتها موظفي الدولة بتعلمها وسرعان ما قامت بـ"عبرنة" التعليم، التعليم في إسرائيل يقدم بالعبرية من السنة الأولى وحتى التخرج من الجامعة..ولم نسمع أحدهم يقول "العبرية لغة ميّتة، العبرية تخلّف! العبرية لغة الشعر والأدب!"

8. الإنتقال إلى لغة أوسع إنتشارا يفتح آفاقا واسعة.

تخيل كم المعلومات التي ستتاح للطلاب (كتب، فيديوهات، أبحاث، منتديات) توفرها الأنترنت مثلا، وقارنها بمثيلتها باللغة الفرنسية، لا مجال للمقارنة أصلا،  هل تعلم أن المحتوى العربي على الأنترنت (رغم قلته والجدل حول جودته) يبقى أكبر من مثيله بالفرنسية؟
صحيح أن هذا المقال يتحدث عن (عدم استخدام الفرنسية) أكثر من (أهمية استخدام العربية) لأن هنالك بدائل أقوى فعلا كالإنجليزية، لكن سنتحدث عن ذلك في النقطة الأخيرة.

9. لأن هذا ... منطقي؟

نعم. ببساطة منطقي، لو أخبرني أحدهم أن الدولة x يدرس أبناؤها 13 سنة باللغة 1 ، وعندما ينتقلون إلى الجامعة يواصلون الدراسة باللغة 1 ويسألني عن تعليقي فسأجيب: تصفيق! هذه عبارة منطقية! جميل. لكن إذا أخبرني أنهم يدرسون 13 سنة بلغة 1 يبدؤن في السنة الثالثة من هذه الـ13 سنة دراسة اللغة 2 ، وينتقلون كليا إليها في الجامعة ، ورغم ذلك مازالوا يجدون صعوبات في التعامل معها والبعض يوقف مسيرته الدراسية بسببها، فسأجد ذلك غير منطقي، غير منطقي إطلاقا.
الضربة القاضية؟ إسرائيل، من خلال جامعة تل أبيب، قامت بتقديم كورس باللغة العربية عن تقنية النانو عبر موقع كروسيرا، لكن ..أنت تعلم، العربية لغة الشعر والأدب والتخلف والجهل.

10. لأن ذلك يربطنا بمن حولنا.

أن تستعمل لغتك، فأنت توطّد العلاقات مع من حولك من الدول العربية، العالم سيحترمك أكثر لأنك تحترم لغتك الأم،  تخيل أن تكون الدراسة في الجامعات العربية كلها باللغة العربية، هذا سيجعل من السهل عملية توحيد المناهج، تخيل كم المؤتمرات والندوات والمحاضرات المشتركة التي نضيعها، تخيل أن تجد الدرس الذي لم يشرحه أستاذك الجزائري بصفة كافية مشروحا على يوتيوب من طرف أستاذ مصري مهضوم يلقي النكت وينطق القاف ألِفًا طوال الوقت، تخيل أن كتاب العلوم في مدرستكم سيئ جدا ورسوماته مملّة، ويمكنك أن تقوم بتحميل كتاب من الإنترنت للمنهاج الموريتاني أو اليمني باللغة العربية وبصور أجمل وأوضح، ألن يكون ذلك رائعا؟ 

الأحد، 10 نوفمبر 2013

على متن الشيء البرتقالي

يبدأ اليوم بعد آذان الفجر بقليل..
تتجه إلى وسط المدينة حيث موقف حافلات الجامعة البرتقالية (الحافلات هي البرتقالية..وليس الجامعة)، تصعد إلى إحدى الحافلات متمنيا أن تحظى بمقعد فارغ لم تستعمره الفتيات قبلك، هؤلاء الفتيات، أحيانا يخيّل إليّ أنهن يصلين العشاء وقيام الليل والفجر في المسجد المقابل ثم يتجهن مباشرة إلى مقاعد الحافلة، أو ربما يصلّين هنا، داخل الحافلة، إنهن دائما هنا باكرا!
تصعد إلى الحافلة مع أحدهم، يقول للسائق: "صباح الخير عمي السعيد"، فتردد أنت بعده: "صباح الخير عمي السعيد!".. تفكّر أنها ربما نوع من الشيفرة السرية كالتي كان يستعملها المجاهدون أيام الحرب مع فرنسا، لكنها ليست سوى "رشوة" لسائق الحافلة..حتى لا يطلب منك أن تُظهر "بطاقة الإستفادة من حقوق النقل" (تقتلو بالقدر).
تنطلق الحافلة، تبدأ الرحلة، ستكون محظوظا إن لم تجلس أمام شخص يملك سمّاعات أذن "خارجية"، أي أن الصوت الذي يصلك أكبر من الصوت الذي يسمعه من يرتديها بكثير، فإن كان كذلك، فستسمع أنواعا وأشكالا من الأغاني عن ذلك الذي تركته أستاذة مادة الرياضيات الخاصة به جريحا وحيدا لا يدري ما يفعل في هذه الدنيا، وأنه يعدها بأنه سوف يتجه إلى الدروس الخصوصية إذا استمرت هذه الحالة، ويعبر لها في الأغنية عن حالته الكئيبة بسبب غيابها (بسبب إضراب الأساتذة على الأرجح)، عجيبة هي مشاعر الطلاب اتجاه أساتذتهم، أم أن الأغنية كانت تتحدث عن امرأة أخرى؟ ربما كانت أستاذة العلوم، أم أنني لم أفهم الأغنية ؟ ربما، فهؤلاء الطلبة غريبون فعلا..
إذا غلبك النوم فأنت في فائدة عظيمة، إذا بدأ أحدهم معك حديثا داخل الحافلة فإليك هذه العبارة التي تصلح كإجابة على جميع الشكوى التي قد يحكيها لك أي طالب ، "لماذا لا تقومون بإضراب". هذه عبارة عبقرية، تصلح لكل شيء، وأعني فعلا كل شيء، إذا اشتكى لك عن كيف أنه طالب سنة أولى بيولوجيا وتحصل على معدل 7 من 20 ويرفضون السماح له بدخول برنامج  الدكتوراه منذ السنة الأولى رغم أنه متأكد أن ابن خالته قد سمحوا له بذلك منذ سبعتاعشر سنة، "كل ما نطلبه هو أن يعاملونا كالسنوات التي قبلنا، لماذا لا يفهمون" فأخبره أن "لماذا لا تقومون بالإضراب؟"، إذا اشتكى لك من سوء الطعام في المطعم وأن الجميع يتحدث عن هذه المادة المريبة التي يضعونها في الأكل ليتحكموا في عقول الطلبة ويجعلوهم أكثر غباءا فيحصلوا على نتائج سيئة لكي لا ينافسوا على مقاعد الماستر، فتبقى المقاعد فقط لأبناء مسؤولي إدارة الجامعة فأخبره "لماذا لا تقومون بالإضراب؟"، وإذا كان يروي معاناته مع الإضراب الذي يقوم به طلبة الفرنسية الذين يريدون تغيير أستاذهم لأنه ليس sympa ، فاسأله "لماذا لا تقومون بإضراب مضاد للإضراب الموجود أصلا" ..  فتبيعوا السيناريو لكريستوفر نولان ليقوم بفيلم جديد بعنوان grèveception فيستفيد الجميع..
تصل الحافلة بعد 45 دقيقة من السير، ينزل الطلبة واحدا واحدا، مقدّمين الحصة الثانية من "الرشوة" : "يعطيك الصحة عمي السعيد" ... فيجيب عمي السعيد: "بالسلامة يا ولادي"..

الأربعاء، 7 أغسطس 2013

ما يخبّؤه القدر

أنا  الأسوء! حين يتعلق الأمر بالحكم على الناس من مظاهرهم.
سبحان الله، لاحظت أنني كلما حكمت على شخص ما بأنه "واضح من مظهره أنه شخص (غير رائع جدا)" إلاّ وكان القدر يخفي لقاءا معه، وأياما أو مواقف تجمعني وأيّاه، فأتعرّف عليه عن قرب،  وتتغيّر نظرتي اتجاهه..

الأول: هذا شخص نظرت إليه فحكمت عليه من أوّل مقابلة: لماذا لم يردّ السلام؟ لماذا ينظر إليّ بهذه النظرة؟  ياله من متكبر! كل هذا التطاول علينا وكأنه من يدفع دروسي الخصوصية!" ، ماذا لو أنه لم يسمعني عندما ألقيت السلام؟ ربما كان مشغولا بمشكل يجعل مسألة إلقاء السلام شيئا تافها مقابل الهموم التي تشغل رأسه، لكن لا! يجب أن أسبّق الحكم السلبي على الناس!

الثاني: ما هذا الصبي المزعج، أينما ذهبت أجده؟ لماذا لا تختفون من الوجود أيها الأطفال؟؟ فعلا؟ أنتم في الشارع وعند الخضّار وأمام الملعب وفي المسجد وفي كل مكان قد يخطر على بال، أراهن أنني لو هربت منكم إلى أمريكا ودخلت حانة تقدم الخمر لمن هم أكبر من  40 سنة لوجدتكم تعرضون عليّ كأسا! فعلا! أنتم في كل مكان (أو ربما أنا الذي في كل مكان)..

الثالث: حسنا، أنت أيضا؟ لماذا يكرهني هذا المخلوق أيضا؟ لا أتذكر أنني استلفت المال من أحد أو دخلت في صراع على إرث تركه أحدد الأجداد..صحيح أنني لا أعرفه ولا أملك أي دليل على أنه يكرهني لكن لابد أنه يفعل، أكبر دليل على أنه يكرهني هو ..أنني
أكرهه..رغم أنني لا أعرفه ولم أتحدث معه من قبل!

ماذا تخبئ أيها القدر، ماذا كشفت لنا عن عيوب فينا ومحاسن في الناس؟

الأول: صار قريبا جدا مني، أتبادل معه يوميا العديد من الحوارات ويسأل عني في غيابي ويعاتبني إذا أطلت الغياب..
الثالث: أصبح يهاتفني دوريا ويسأل عن الحال بكل طيبة وأخوة، ويأبى إلى أن يشعرني بتأنيب الضمير كلما تحدثت معه..
الثاني: آه الثاني، للتوّ، عدت من صلاة التروايح، حيث تم تكريمه. الصبي يحفظ نصف القرآن الكريم!
بعد هذا كله، عزيزي القارئ الكريم لابد أنك خرجت من هذه التدوينة بفائدتين على الأقل:
1- علينا أن لا نسبق الأحكام السلبية على الناس وأن نلتمس لهم الأعذار وأن نعطيهم فرصة واثنتان وثلاث
2- أنا وغد d'origine !

الجمعة، 2 أغسطس 2013

أشياء كثيرة ومتنوعة يا رجل

سأكون كاذبا لو قلت بأنني مطمئن جدا ومرتاح لتخصص "كيمياء ومحروقات" هذا، أنا الذي لا أعرف شيئا عن المحروقات سوى أنها مواد متحللة يتم التنقيب عنها في صحرائنا الشاسعة التي لم أزرها يوما ويتقاضى العاملون هناك مبالغ كبيرة نسبيا، هل هذا كافٍ حتى أختارها كتخصص جامعي وكمجال قد أشتغل فيه ربما لجزء كبير من حياتي المستقبلية؟ حتما لا.

أوكي، نعم نسيت القول بأنني تحصلت على شهادة البكالوريا (15.19)، معدل جيد نسبيا، لكن ليس كافيا لاختيار الرغبة التي رتّبتها أوّلا في موقع الإختيارات الجامعية (والتي هي كهرباء وإلكترونيك/بومرداس والذي عليه هو أيضا العديد من نقاط الإستفهام)..

المال والوظيفة المضمونة، هذا ما يتحدث عنه الجميع حول هذا التخصص، وهو كما أعلم مجرد هراء. المال مال الله وهو الرزاق، والوظيفة المضمونة سرعان ما ستتبخر إذا رأيت هذه السيول البشرية من المهندسين المتخرجين كل سنة، لكن حتى لو افترضنا جدلا أن هذا صحيح، هذا التخصص يضمن لك استقلالية مالية و وظيفة مضمونة، فهل هذا كل شيء؟ هل هذا كل ما يبحث عنه الطالب الجامعي؟
is that all؟ هل هذه هي اللحظة التي نتحول فيها إلى آلات إستهلاكية، أقصى طموح لها "لقمة العيش" وراتب مجزٍ؟ 

في السابق (أي قبل الباك) كان مسار الطالب واضحا، هنالك السنة الأولى، ماذا بعد السنة الأولى؟ السنة الثانية، ماذا بعد الثانية؟ الثالثة، ماذا بعد المتوسط؟ الثانوية، ماذا بعد الثانوية؟ الباك، ماذا بعد الباك؟ الجميع سيخبرك أن "جيب الباك ومن بعد ساهل" لا. جيب الباك، ومن بعد سيبدأ كل شيء،
من غباء المنظمومة التعليمية مثلا أن طالب تخصص "كيمياء ومحروقات" كمثال وليس للحصر، سيدرس لمدة سنة .. ونصف كجذع مشترك! أي سيدرس الرياضيات والفيزياء والكيمياء وكل هذه الأشياء المرتبطة بتخصصه ولكنها لا تعطيه أي نظرة حوله! أي أنه بعد سنة ونصف من الدراسة في معهد الكيمياء والمحروقات، سيخرج وهو ليس لديه أي خبرة في المحروقات هذه، أين المشكلة هنا؟ المشكلة يا عزيزي أنه و بعد عام ونصف وهو في أسوار الجامعة لا يعلم هل هذا التخصص هو الأنسب له أم عليه أن يغيّر. في النهاية هذا هو الفرق بيننا نحن (بني الإنسان) وبين الصخرة، إذا لم يعجبك المكان، غادِر، أنت إنسان ولست صخرة.
أن تخرج بعد سنة ونصف وتعيد ترتيب أوراقك كأن تعيد الباكلوريا مثلا، أو تختار تخصصا آخر لا علاقة له بتخصصك الحالي كالطب مثلا، فستكون هذه السنة والنصف عائقا كبيرا، الطب أصلا يستهلك سنوات طويلة من أجل دراسته فماذا لو أضفت هذه السنة ونصف؟
إنها لحظة اللارجوع، أن تختار التخصص يعني أن تعطّل إمكانية الرجوع إلى الخلف وتغيير التخصص، أو لِنقُل تستطيع، إذا كانت لديك الكثير من الشجاعة،
لماذا لا تدعني أدرس هذا التخصص، وأعيش أغلب ما سأقابله في السنوات القادمة من دراستي له أو العمل في هذا المجال، لتدعني أقرر (بعد 6 أشهر مثلا، وليس سنة ونصف) إن كان التخصص الأنسب لي أم علي البحث في مكان آخر، أن تضع مئات الطلاب رهائن لشيء مجهول لا يدري أغلبهم كنّه لهو عبث ما بعده عبث،
أعرف شخصا اختار الصيدلية كاختيار أوّل ولم يحصل عليه، فوجد نفسه في تخصص الـ"كيمياء والمحروقات" هذا، ولك أن تتصور مدى قرب هاذين التخصصين! تخيل أن يختار أحدهم الطب مثلا كاختيار أوّل، ثم توجّهه كمبيوترات وزارة التعليم العالي إلى تخصص حفظ التراث، أعتقد أنه سيمارس مهنة الطب على المومياوات وبقايا الهياكل العضمية التي سيجدها في "حفظ التراث" هذا..

أشياء كثيرة ومتنوعة يا رجل..

الأربعاء، 12 يونيو 2013

فرحة بسيطة

من أبسط مظاهر عدم الثقة في الحكومة: إقبال الناس على اشتراء المياه المعدنية من المحلاّت عوض مياه الحنفية، ومن أبسط مظاهر عدم الثقة في المدرسة الجزائرية: إقبال الناس على الدروس الخصوصية، من أبسط مظاهر عدم ثقتك في قُدُراتي على إمتاعك: فَتحُكَ لصفحات كثيرة (tabs) في متصفحك، حتى تُغيِّرَ الصفحة متى أحسست بالملل، لا ألومك، فحتى أنا أفعلها عندما أقرأ ما أكتبه شخصيا.

الإنتصارات العظيمة جميلة،
 كأن تشاهد فرحة ميسي بعد انتهاء مباراة لبرشلونة بفوزه بنهائي ما، وكيف يرقص جميع أفراد الفريق ويرشّون بعضهم بالــ....مياه...الغازية....التي لا تعتبر حلالاً جدّا في ديننا الحنيف،
أو أن تشاهد مطربا شابا وهو يبكي محتفلا بافتكاكه المرتبة الأولى في برنامج من برامج المواهب،
 أن تشاهد فريقا من المهندسين والخبراء والتقنيين في مركز للأبحاث الفضائية يتطايرون فرحا بعد وصول سفينتهم إلى الوجهة المرتقبة.

هل تعلم ما هو أجمل؟
تلك الإنتصارات الصغيرة التي قام بها أشخاص عاديون، ليسوا مشاهير ولن يصبحوا يوما أبدا، تلك الفرحة البسيطة عندما ينتصر أحدهم على عادة إدمان قصّ أظافره بأسنانه كلّما توتّر، أو نجاح أحدهم في افتكاك وظيفة ما بعد عناء طويل كما صوّرها ويل سميث في فيلمه الشهير pursuit of happiness ، أو دعني أذهب أبعد من ذلك، أن تحلّ معادلة في الرياضيات بعد عناء طويل وتجد النتيجة بسيطة جدا (كـ 0، 3 ، 10 وليس 5438,13288888) أو أن تعمل في النهاية الشفرة التي قمت بكتابتها لبرنامج بسيط ولا تزعجك تلك الرسائل المشؤومة (syntax error) ، أو تتفوّق على رقمك السابق في الجري لساعات متواصلة. أن تصلح تلفازا أو مذياعا أو بابًا ثم تجرّبه فيعمل.. هذه النجاحات البسيطة لديها طعم جميل تخفف عن الواحد منّا شيئا من متاعب الدهر*.

هل تعلم ما هو أجمل من هذا وذاك؟ هذه الصورة الجميلة..
 
-------
-متاعب الدهر: هاذ الكلمة تسمعها فتتعب يا محاينك.
-الصورة: سيرينتو - إيطاليا.
-اللهم اجعل كل أيامنا فرحا..