الأربعاء، 25 يناير 2012

قلب اللّوز

في طريقي إلى الثانوية صباحا، وأنا أمشي بكلّ وقار مدّعيا الجهاد في سبيل طلب العلم خاصة مع البرد القارس هذه الأيّام، والواقع أنّي لا في جهاد لا والو بل ذاهب إلى هناك فقط كي ألتقي بالرفاق فأتظاهر بأنّهم رائعون ونكاتهم مضحكة جدّا طول اليوم، حتى يدقّ الجرس لأعود إلى المنزل وهكذا دواليك.
anyway ، في طريقي إلى الثانوية صباحا أمرّ بأحد المقاهي الشعبية، في الصباح الباكر يكون هذا المقهى ممتلئا بالعمّال الذي يطلبون قهوة يبدؤون بها يومهم الشاق، مايلفت انتباهي هو أحد الرجال الذي يطلب دائما قطعة قلب اللّوز،
يعتدل الرّجل في جلسته، ويرتّب الملعقة بأناقة أمام قطعة قلب اللّوز ثم يستمتع بالنّظر إليها لدقائق.. إنّ هذه القطعة تمثّل له كل قيم السعادة والجمال والرضى والسلام العالمي وحل مشكل التضخم في العالم، جمال وأسرار الكون وحلاوته كلّها تتجسّد في قطعة قلب اللّوز، وكأنّ الخير الموجود في هذا العالم كلّه يحضّه على تناولها، إنّك بأكلك لها تسدي خدمة للبشرية! كُلْها فالشرّ في هذا الكوكب يحسدك ويتمنّى أن يحصل شقّ في الأرض يبتلع الطاولة وما عليها قبل أن تنعم بها الخلايا الحسيّة الموجودة في لسانك، قمّة الإستمتاع بالشيّء قد تصل إلى حدّ ذرف الدموع!، تلك اللحظات التي نقضيها في الإستمتاع بشيء من متاع الدنيا بكلّ صدق كاف لأن يحفّز شيئا من هرمونات السعادة في جسدنا، فعلا الكائن البشري لا يحتاج إلى الكثير لكي يشعر بالرضا والسعادة الداخلية،
هنالك من يجد سعادته الداخلية في ممارسة هوايته المفضّلة، وهنالك من يجدها في ركعة لربّه عزّ وجلّ، هنالك من يجدها عندما يشتمّ رائحة الشوكولاطة من النوع الفاخر -مثلما أفعل أنا- وهنالك من يجدها في قبلة على جبين والده -تمهيدا لأن يطلب منه مبلغا من المال ليشتري به قطعة قلب اللّوز-.
*خاتمة*
-------
قلب اللّوز هو حلوى جزائرية تقليدية يكثر استهلاكها في رمضان.

هناك 9 تعليقات:

  1. صدقت أخي.بالفعل هناك الكثير من الأمور التي عندما أقوم بها تزيد هرمونات السرور لدي.ولكن المشكلة أنها لا تدوم وهذا هو الفرق بين السعادة والسرور.السعادة دائمة لا تنتهي والسرور شعور آني يأتي بالحصول على شيئ من متاع الدنيا.

    تخيل معي أن هذا العامل لم يجد في المقهى يوما ما قلب اللوز..ماذا لو لم تجد أنت شكلاطة الميلكا يوما ما ..ماذا ستفعل ؟ أستبقى حزينا ؟ يجب علينا أن تكون لنا أمور نقوم بها تخفف عنا أحزاننا وتزيد من سرورنا.

    ولكن السعادة الحقيقة الكاملة يلزم لها أمر خاص ،أمر روحي بدرجة أكبر.أمر نصل له بجهد كبير.

    على فكرة ذكرتني تدوينتك هذه بتدوينتك الرائعة قائمة الإغاثة.أتمنى أن يكتب كل واحد منا قائمته الخاصة.

    عبدو بدون أن أقول لك . أنت مبدع في طرحك وفي إختيار مواضيع مدونتك.شكرا لك.

    ردحذف
  2. قلب اللوز.. كم هي لذيذة.. وكم يشتهيها الإنسان وخاصة أثناء أيام رمضان.. شكراً على هذا الجهد

    ردحذف
  3. مولاي عبد لله28 يناير 2012 في 2:08 م

    وجدت تعليقي السابق قد خرج عن إطار الموضوع قليلا
    فالموضوع يتحدث عن قلب اللوز وأنا أتحدث عن السعادة والسلام الداخلي لذلك إعذرني إن أزعجتك عبدو :-)

    ردحذف
  4. @عبد الله مولاي
    هذه مدّونتي أنا،و بما أ اسمك هو نفس اسمي فلك الحق المطاق في التكلم في أي موضوع يحلو لك حتى لو كان المشروع النووي الجزائري السرّي :)

    ردحذف
  5. يا حسود
    هناك نظام تصوير كاميرا حديث اسمه سي سي تي في، من خصائصه أن تلف الكاميرا وتدور عشوائيا وتتوقف مرة مرة في نقطة معينة و تبدأ بالتكبير هناك وقد تطيل التوقف في نقطة ما دون سبب واضح وكأنها تستغرب أو تكلم نفسها.
    لا أدري لماذا أتذكرك كلما وقفت أمام شاشات هذا النظام في عملي..

    ردحذف
  6. صح عبدو هناك أشياء بسيطة جدا تجعلنا سعداء عند الإستمتاع بها لكن هناك أمر واحد و وحيد يجعلنا سعداء كل الوقت دون البحث عن ثواني او دقائق نسعد فيها ألا وهو رضى الله عز و جل
    بوركت :)

    ردحذف
  7. معك حق اخي
    كل شخص لديه شيء يسعدته
    فرسول الله صلى الله عليه وسلم
    كل افضل شيء هو سجود لله ركعتين في الليل
    وكل شخص له شيئه الخاص
    وشكرا على طرح الموضوع رائع والشيق
    تشرفنا بزارتك لنا

    ردحذف
  8. لم ارى اجمل من هذا الكلام اول مقال اقرأه بالستمتاع

    ردحذف