الخميس، 31 مايو 2012

عن ضرورة إنقاذ النظام التعليمي


الشعب يريد إسقاط النظام التربوي،
رحم الله كل من توفي في أحداث جامعة تلمسان وألهم ذويهم الصبر والسلوان، وما هذه الحادثة إلا جرس إنذار يعلن عن تعفّن الجهاز التعليمي في الجزائر.
محاولة للإجابة على سؤال "ما الحل؟"، لكن في موضوع محدد، قطاع التربية والتعليم. معروف للجميع حجم الكوارث التي تشوبه ولن أسترسل في ذكرها.
يجب ذكر أن مجال التربية والتعليم من أهم القطاعات الإستراتيجية للدولة، وجود هذه الدولة في الأساس يعتمد على نوعية التعليم الذي يتلقاه مواطنوها، فإن هم تلقو تعليما مرتبطا بدولة أجنبية مثلا فسينتج جيل مرتبط ثقافيا وفكريا بهذه الدولة، التعليم ركيزة أساسية في مشروع نهضة أي أمّة، ولتدرك ذلك قارن بين نسبة الميزانية العامة التي تنفقها الدول التي نهضت (أو في طريق النهوض) على هذا المجال بين النسبة التي تحظى بها في الدول التي توصف بالمتخلّفة،
الميزانية مهمة.
يجب الإشارة إلى أهمية الميزانية التي تخصصها الدولة للتعليم، صحيح أن الميزانية وحدها لا تكفي خاصة في غياب التسيير الرشيد والحسن للمخصصات المالية، لكن المال في مجال التعليم مهم جدا، يكفي أن تعرف أن ميزانية الجزائر في قطاع التربية والتعليم (4٫3% في 2008) أقل من ميزانية إسرائيل، تركيا، الهند، وتقريبا أغلب الدول في طريق النمو … (هل عرفت من أين لهم بكل ذاك الإزدهار الإقتصادي؟)، أن تكون هنالك رغبة سياسية في نهضة شاملة في المجتمع يعني أن تصرف على التعليم.

الميزانية وحدها لا تكفي:
أن ترفع ميزانية التعليم، أن ترفع ميزانية أي شيء في جو من الفساد وسوء التسيير لهو عبث ما بعده عبث. ينبغي تهيئة مناخ عام يساعد على العمل، ولم لا إرسال بعثات إلى الخارج للإستفادة من تجربة بعض البلدان المتقدمة في التسيير المالي بحث يصل كل سنتيم إلى المكان الذي ينبغي له في إطار جو من الشفافية والرقابة العشبية من أجهزة وتنظيمات كجمعيات أولياء التلاميذ أو غيرها، من خلال ورشات عمل مشتركة قصد اختصار المراحل وتفادي إعادة اختراع العجلة.

تغيير النظام الدراسي الحالي جذريا:
لا يختلف اثنان على أن النظام الدراسي الحالي بعد إصلاحات الوزير الأخيرة، ولا النظام الدراسي الذي كان قبله رغم أن الكثير يؤكدون أنه أقل سوءا، لا أحد يختلف أن هذا النظام ركيك سيئ للغاية يقوم على التلقين وحفظ المعلومات، ساعات دراسة مكثفة وفي المقابل مكتسبات قليلة...إلخ من المشاكل التي نواجهها يوميا في المدارس. يتم ذلك عن طريق خبراء مستقلين في التربية والتعليم تمنحهم الدولة كامل الدعم اللازم (بما في ذلك إمكانية الإستعانة بخبراء تعليميين عرب وأجانب) من أجل الخروج بمنظومة تعليمية حديثة: تستجيب لمتطلبات العصر وسوق العمل وقابلة لمواكبة التطورات القادمة، ومرِنة قابلة للتطوير والتعديل عليها في المستقبل القريب، منظومة تربوية قائمة على دمج العلم والمعرفة بالمتعة (وبذلك تتلافى مشكل الساعات الدراسية الطويلة، لا أحد يمانع في قضاء وقت طويل في شيء يستمتع بالقيام به) وتقوم على تعلّم تقنيات التفكير بدل التلقين المباشر للمعلومة والحفظ الأجوف (حتى إن كانت الببغاوات مهددة بالإنقراض، لا أحد يرغب في ببغاوات بشرية) وغيرها من التقنيات التربوية. المفيد ينبغي "إسقاط النظام الدراسي الحالي".

تعديل النظام الدراسي دوريا:
 العالم يتحرك، يتغيّر، ما كان نظرية مؤكدة أمس قد يصبح كلاما فارغا اليوم، لذلك يجب أن تكون هنالك اجتماعات بصفة دورية للخبراء المشرفين على تأليف البرنامج الدراسي من أجل تعديل وتغيير ما ينبغي تغييره في البرنامج، ومناقشة النتائج المحصل عليها في الإمتحانات الأساسية الثلاث (bac, bem, 6éme) ، تحديد المشكل، دراسته والخروج بحلول. قبل عشرات السنوات كان النظام الدراسي العالمي يتجه إلى الصناعة أساسا من أجل تهيئة المهندسين المشغلين للمصانع في المقام الأول، أما اليوم فالإعتماد على تقنية المعلومات صار أكبر ويتجلى ذلك في دولة كالهند مثلا (ومعها دول شرق آسيا)، جامعاتها تخرج مهندسي البرمجيات المسؤولين عن 70% من البرامج التي يستعملها العالم، يكفي أن تعرف أن أغلب أفلام 3D التي تشاهدها هي غالبا منفّذة بأياد هندية. مثل هذه الخيارات الإقتصادية مرتبطة جدا بالتعليم، هذه الخيارات السياسية الإستراتيجية لكل دولة.

الملاحظ يجد أن من البديهي أن الدول المتقدمة في مجال التعليم يدرس طلابها باللغة الرسمية لتلك الدول، لغات ميتة مثل العبرية والتركية أعيد إحياؤها وتمت ترجمة واسعة للمناهج الدراسية، ومن هنا ضرورة تعريب التعليم بالكامل من الإبتدائي حتى آخر سنة جامعية وإيقاف مهزلة اللغة المزدوجة (العربية في الأطوار الثلاث والفرنسية في الجامعة)، سوريا الدولة العربية التي يدرس أطباؤها الطب بالعربية وهم من أفضل الأطباء عالميا ومعترف بشهادتهم أينما ذهبوا، يجب التخلص من خرافة مكانة اللغة الأجنبية.

أيضا من الضروري إعادة إحياء دور المدرسة حتى خارج أوقات العمل، المدرسة مركز إشعاع علمي وثقافي يجب أن لا تنحصر في 8 ساعات اليومية أو التسع شهور السنوية التي يقضيها الطلاب فيها، يجب أن تفتح المدارس حتى خارج أوقات الدوام الرسمي وفي الإجازات من أجل الأنشطة المختلفة (مراجعة، مطالعة، رسم، موسيقى، مسرح، رياضة، مش عارف إيه...إلخ).

دورات تدريبية دوريا إجبارية يلتزم بها المدرسون والتربويون، لآخر الوسائل التربوية والنفسية في كيفية التعامل مع التلاميذ، لتفادي ظاهرة العنف ضد الطلاب.

تشجيع الدراسة الحرة:
  • من خلال مشروع مكتبة في كل مدرسة/ بلدية/ مسجد، الدخول مجاني للمتمدرسين، ولم لا تعرض على دور النشر التبرع لهذه المكتبات بالكتب الدراسية الخارجية وفي المقابل تستفيد دور النشر من الدعاية إلى جانب تخفيض الضرائب الحكومية مثلما يحصل في الولايات المتحدة.
  • "المدرسة الإلكترونية" توفير المنهج الدراسي كاملا من كتب دراسية وبرامج ووثائق ودروس وتمارين على الأنترنت بحيث تكون في يد الطالب من أي مكان وتحت أي ظرف. مقاطع فيديو تشرح الدروس ولم لا موقع إلكتروني أو صفحة على الفيسبوك لكل مدرسة تضع فيها كل المستجدات التي ينبغي أن يعرفها التلاميذ وأولياؤهم من أجل تكريس الشفافية في المدارس وإبقاء الجميع على اطلاع.

موضوع مثل هذا لا يمكن أن يكمل دون كمّ معتبر من السب والشتم للقائمين على هذا القطاع هنا في الجزائر وأعني وزارة التربية والتعليم طبعا لذلك: *** ****** *** ******* ** ****!. تسعدني أي تعليقات تثري الموضوع.

هناك 6 تعليقات:

  1. مبديا دهشتي لأسلوب جديد في الكتابة ناسبك أيضا، ومحاولا أن لا أقلل من عزيمة وجدية طرحك المدروس، فإنني أعتقد جازما، أن الجزائر مصنع، منتوجه البشر والصفات، من أقام المصنع وقواعده متأكد مما هو فاعل، والمنتوج الخارج هو في النهاية مطابق تماما للمطلوب لولا بعض "الكعبات" مثلك.
    وضوح الأخطاء وتفاهتها دليل أن لا نية أبدا لإصلاح التربية ولا لتجديد الروح فيها، ولو أن أعظم منظري العالم من ماركس وغيرهم كانوا على رأس وزارة لما تركوا ما تركه بن بوزيد.
    إذا فالإصلاح يبدأ بنهاية بن بوزيد وربعه، ثم الشروع في موجات إصلاح متوالية اعتمادا على الثوابت وعلى تجارب الأمم، مع التركيز المفرط على إصلاح الأستاذ وأسس اختياره للمهمة المقدسة(...).
    كنت قد قمت أيام دراستي بتونس بعمل مقارنات بين نظامهم التعليمي الراقي ونظامنا الواطي، أتمنى أن أجدها لأشاركها معك، وأرجو أن تواصل البحث في الموضوع ولو لسنين.

    ردحذف
  2. باسم سعيد بتعقيبك وأتمنى أن تشاركني الورقة سأسعد جدا. تحية

    ردحذف
  3. والله يا عبد الله التعليم غير ناجح بالمرة في الجزائر، دليل على ذالك كون تروح تسأل جل طلاب الإكمالية أو كلهم لماذا لا تجتهدون في دراستكم يقولوا ( وش راح أدير بيها )، ترى الطالب الجامعي يقرا في تخصص ومتأكد بلي راهو ما هو رح يخدم بيه... لازمنا تغيير بصح وينة؟

    ردحذف
  4. أزال المؤلف هذا التعليق.

    ردحذف
  5. أزال المؤلف هذا التعليق.

    ردحذف
  6. وجهة نظرك فى جميع التدوينات رائعه وصائبة احسنت

    ردحذف