الأحد، 30 مارس 2014

القول الجامع، في بيان أن على شعب الجزائر أن يُقاطع

سيكون الجزائريون يوم 17 أفريل المقبل  في موعد مع صناديق الإنتخاب، هذه المرة لـ "اختيار" صاحب منصب رئيس الجمهورية السيد عبد العزيز بوتـفلـ ... أووبس، عُذرا، لاختيار صاحب منصب رئيس الجمهورية. نقطة :)
لست هنا لأسرد أسباب المقاطعة.. التاريخية و الجغرافية والصراعات الأيديولوجية و الفكرية .. إلخ، أنا أتحدث عني و عنك، الأسباب العملية المقنعة التي يستند إليها صاحب خيار المقاطعة.
أولا ينبغي أن يُعرف أن المقاطعة خيار  تحتمه ظروف معيّنة، وليس نابعا عن "سلبية وغياب للمبادرة" وخوف من النتيجة وإعلان للهزيمة المسبقة" كما يريد النظام أن يصوّره... أصحاب المقاطعة ربما أكثر حرصا على الوطن من أولئك الذين يطعنون فيهم. المقاطعة وسيلة سلمية كالإضراب والإعتصام والتظاهر، هدفه إيصال رسالة إلى السلطة .. لكن لماذا سأُقاطع شخصيا هذه الإنتخابات؟

 أقاطع لأن النظام يعترف بأنه يزوّر الإنتخابات. 
 الناطق باسم حزب التجمع الشعبي الديموقراطي RND ، وهو حزب في السلطة، يقول حرفيا "لولا التزوير لما بقيت الجزائر واقفة." تصريح بهذه الخطورة قد يمرّ مرور الكرام على الكثيرين للأسف. الدولة تعترف بالتزوير! نحن مع نظام لا يستحي من التزوير، بل بلغته الوقاحة أن يقولها علنا "نحن نزوّر الإنتخابات لصالح الوطن" ، وكأن النظام أكثر معرفة بصالح الوطن من مواطنيه.
هذا هو المشكل، لا أستطيع أن أثق في من ينظّم الإنتخابات إن كانت له سوابق في التزوير وهو يعترف بذلك أمام الملأ في الإعلام، على الأقل كان من الأفضل أن يصمت أو يُنكر ذلك لعلنا نحفظ ماء الوجه، لا، لقد قال صراحة أن الجزائر لم تكن لتبقى واقفة لولا التزوير....علاش راهي واقفة؟ يخي كاين الكراسى!

أُقاطع لأنني لا أعلم من سينتخب أصلا.
من الذي ينتخب في الجزائر؟ قد تبدو الإجابة على هذا السؤال بديهية، ومن غيره سينتخب؟ الشعب الجزائري هو الذي سينتخب! للأسف هذا غير دقيق أبدا فلا أحد يدري من ينتخب في الجزائر، هل هم الأحياء أم الأموات؟ عندما أقول الأموات فهنا لا أقصد (الشيوخ أو كبار السن) ، بل أقصد فعلا الأموات، الحكومة ترفض أن تعطي قائمة للكتلة الناخبة في الجزائر، أي أسماء وألقاب الأشخاص الذين يحق لهم التصويت بحيث يتسنى للشعب مراقبتهم فإن كان هنالك من لا يحق له التصويت (كالأموات مثلا) فينبغي إشعار السلطات بذلك وكشف هذا النوع من التزوير ، فقط هي تقول لدينا كذا مليون مواطن يحق لهم التصويت (هم 21 مليون في هذا الإقتراع) وعليك أن تصدقنا. لأننا الحكومة.
إذن من يصوت في الجزائر؟ لا أحد يعلم، قائمة المصوّتين عند الحكومة وهي ترفض إعطاءها لأحد، بحجة الأمن القومي والخصوصية ..إلخ.

لأن النتيجة معروفة مسبقا.
 اسأل أي طفل، أي رجل، امرأة، عامل، بطال، طالب جامعي،  موظف حكومي، بنّاء، مانوفر (وهو الشخص الذي يساعد البنّاء)، اسأل أيّا منهم من سيكون الرئيس القادم وسيجيبونك بالإسم الذي في بالك و في بالي، هل هم سحرة يعرفون المستقبل؟ غالبا لا، عندما تكون اللعبة مغلقة و الأمور مفضوحة فالجميع يعرف نهاية الفيلم مسبقا،
أنا لا أشاهد فيلما أعرف نهايته مسبقا.
أنا لا أشاهد مباراة أعرف نتيجتها مسبقا.
أنا لا أشارك في انتخابات أعرف الفائز فيها مسبقا.
الإنتخابات الشرعية عادة يكون فيها التنافس شديدا لدرجة لا أحد يعلم فيها نتيجة الإنتخاب، كالإنتخابات الفرنسية أو الأمريكية مثلا حيث يفوز الرئيس بـ 51% مقابل 49%..
دعنا من فرنسا وأمريكا، لو تابعت الإنتخابات المصرية سنة 2012 أو سألت عشوائيا الناس من هو الرئيس القادم، سيُقسم الأول أن عمرو موسى هو الرئيس القادم، والثاني سيحلف برأس أمه التي في القبر أن أحمد شفيق هو الريّس، والثالث سيقول لك أن حسني مبارك هو الرئيس (غالبا كان نائما عندما قامت ثورة ضد مبارك) ، و خامس  و سادس سيذكرون مرسي و أبو الفتوح ... إلخ، المهم أن لا أحد كان  يعلم من هو الرئيس المصري القادم، وهذه صفة مهمة في الإنتخابات الشرعية.



 أُقاطع لأنه لا توجد هيئة قضائية (مستقلة عن الحكومة) للإنتخابات.
وهذه من أهم مطالب المعارضة، أنا إنسان بسيط، لا اقتنع بفكرة وجود 3 أو 4 هيئات مسؤولة عن الإنتخابات في الجزائر، هذا محيّر جدا، هنالك المجلس الدستوري الذي يقبل ملفات الترشح، وهنالك الهيئة الناخبة المسؤولة عن فرز الأصوات، وهنالك هيئة حكومية مهمتها التحضير للإنتخابات "ماديّا" ..( والذي يترأسها السي الفقاقير الذي هو في نفس الوقت مدير الحملة الإنتخابية للرئيس المترشح، هل هنالك دولة ديموقراطية يكون المسؤول فيها على الإنتخابات هو نفسه مدير حملة المترشح؟ نعم. في الجزائر فقط.) في حين أن في بعض البلدان هنالك هيئة واحدة، مكونة من قضاة وقانونين، لديها ميزانيتها الخاصة وتقوم بكل ما سبق.
طالبت المعارضة بهيئة كهذه، لكن الحكومة قالت لهم، "هذا القماش، أدي ولا خلي" .. فالمعارضة ماعجبهاش القماش وديسيدات تخلّي.

أقاطع لأن الشخص المسؤول عن قبول ملفات الترشح.. ينتمي لمعسكر أحد المترشحين.
أتحدث عن رئيس المجلس الدستوري مراد مدلسي، السيد عمل وزيرا للخارجية برهة من الزمن ثم وجدناه على رأس المجلس الدستوري، بل هو من قال سابقا أن ترشح الرئيس لعهدة رابعة هو une BLAGUE ، فأنا أرى أنه كان ينبغي دحضا لأي شبهة، أن يكون رئيس الجهاز المخوّل بدراسة ملفات المترشحين شخصا مستقلا من جهاز القضاء مثلا...وليس شخصا من محيط الرئيس..إذن لحد الآن لدينا السيد فقاقير مدير الهيئة الحكومية للإنتخابات وفي نفس الوقت مدير حملة الرئيس، ولدينا مراد مدلسي من محيط الرئيس وفي نفس الوقت رئيسا للجهة التي تدرس ملفات المترشحين..قمّة الحيادية كما ترون سيّداتي سادتي.

أقاطع لأن أصحاب الحملة الإنتخابية للرئيس..صدق أو لا تصدق، يسبّون الشعب.
نعم، لدينا السي حــ...عمارة بن يونس الذي ينشط حاليا حملة الرئيس والذي سبّ أباء الجزائريين، والسي الفقاقير الذي جاء بدعوى الجاهلية بحديثه العنصري عن مكوّن من مكوّنات الوطن، والله يعلم بماذا يسبّون شعبهم سرّا إن كان كل هذا علنا! هذا بالنسبة لي أكثر من كافٍ، إذا كان هذا هو مستوى المسؤولين في بلادنا، فكيف أثق في هذه الحكومة و في انتخاباتها.

لأن وزراء الذين عيّنهم الرئيس، تركوا عملهم، واتجهوا لتنشيط حملته الرئاسية.
هل أتحدث عن عمّار غول (وزير النقل) الذي يعاني قطاعه من الإضرابات في القطارات والميترو..أما هو فكان في مدينة ليون الفرنسية يعد المغتربين بالسكنات إن هم انتخبوا وليّ نعمته المقعد شفاه الله؟ أم أتحدث عن وزير التعليم السي بابا احمد الذي لا ينفكّ قطاعه عن الإضراب حتى بلغ هذا العام مستويات قياسية والإمتحانات الوطنية على الأبواب .. أما هو فمشغول بتنشيط الحملة لرئيس غير قادر حتى على الخطابة في الشعب أن "صوّتوا لي يا شعب!"

لأنه لا يوجد تكافؤ في الفرص.
يمكنك أن ترى ذلك جليّا في التلفزة الوطنية التي تتغنى بإنجازات الرئيس عشيّة بدأ الحملة الإنتخابية، بل لا تتوارى عن ذكر إنجازاته في كل نشرة إخبارية...
وترى أيضا ذلك في تسخير الإدارة لجهازها الضخم المتمثل في الوزارات و الولايات والدوائر والبلديات لصالح مرشح واحد و وحيد، فتجدهم يتفننون في إلصاق صورته بمختلف الأحجام و الأشكال في كل مكان (مدارس، جامعات، متاجر ). وهذا مقدمة لما هو أخطر. التزوير.

لأن يوم 17 أفريل.
هو يوم عطلة ، وأنا بصراحة في العطلة تأتيني رغبة شديدة للنوم، لذلك غالبا سأكون نائما ذاك الخميس، فبصحتك الرئاسة مسبقا، سيدي الرئيس.

ماذا بعد المقاطعة؟
ما هو مؤكد الآن أن علينا أن لا نساهم في إعطاء شرعية لانتخابات مغلقة مزورة مسبقا، المقاطعة تعني لا للتزوير، لا لتجاهل إرادة الشعب، لا لاستعمال صوت الشعب من أجل الحصول على شرعية مزيّفة.  كلما زادت النسبة المئوية للمقاطعين كانت  الرسالة قوية للسلطة أن آن أوان التغيير، أكيد أن المقاطعة ليست الحل السحري الذي سيجلب التغيير و الإزدهار و التطوّر فالتغيير عمل تراكمي يأتي عبر النضال المستمر والمتواصل بشتى الوسائل، والمقاطعة إحدى أقوى هذه الوسائل، التغيير لن يأتي عن طريق "قرار رئاسي" أو صوت انتخابي، فعلى جميع من يناضل من أجل وطن أفضل أن يكون ذا نفس طويل..التغيير ماراطون وليس سباق 100 متر يا عزيزي، فالصبر الصبر، وإن شاء الله فيها خير.
التغيير طريق طويل، والمقاطعة خطوة في هذا الطريق.

هناك 3 تعليقات:

  1. تدوينة جميلة ذكرتني في أحد التدوينات التي كتبتها منذ مدة عن الانتخابات خصوصا في العنوان
    الاقوال الحامعة في العهدة الرابعة :)

    http://crazysnote.blogspot.com/2014/03/Algerian-elections-and-political-statements.html

    ردحذف
  2. anti chit & anti vote !
    ما نفوطي وما نشيت ، لا للعهدة الرابعة لا للفاسدين

    ردحذف
  3. لقد بين انخفاض سعر النفط سياسة الحكومة العرجاء

    ردحذف