السبت، 2 أبريل 2011

بطلاً خارقًا ،، أنا !

كنت متّجها كعادتي إلى عملي في صباح عادي بعد أن تناولت نصف كوب من السائل المفترض أنه قهوة (سهرت البارحة ، لذلك ربما أخطأت بين وعاء البنّ و وعاء مسحوق الغسيل!)
وصلت إلى محطّة القطار الذي من المفترض أن يقرّبني من مقرّ عملي، وصلت و أنا ألهث كالعادة ، دائما أركض لكي أصل قبل انطلاق القطار ، لن اُحرج برائح العرق أمام المسافرين فالجميع هنا هنا يعرف مأساة أن لا تملك سيّارة ،
أؤمن دائما اني سأصل متأخّرا مهما استيقضت باكرا ، حتى لو استيقضت الساعة التاسعة قبل منتصف الليل فسيحدث شيئ ما يجعل بابا المنزل يعلق فلا ينفتح حتى السابعة صباحا ، أو تتوقف سيارة جاري حسام التي اشتراها أوّل أمس ! أو ينفجر البركان الواقع في حديقة منزلي و الذي أقسم لي الذي باعني البيت أنّها مجرّد صخور على شكل بركان و ليس أبدا ..بركان ، وصدّقته !


في النهاية دائما سأتاخّر عن عملي !
 
أنا الآن في القطار جالس دون فعل أيّ شيئ سوى البحلقة في وجوه الناس ، جائع ، و في حاجة إلى الإستحمام.
فجأت تصرخ سيّدة ما في المقصورة الأمامية للقطار : لص ! أوقفوا اللص ! لص سرقني ، لصّ سرق لعـ ... !!! أوقفوه !


من حيث لا أدري أجدني قد اكتسبت أنا "الممل ، الجائع ، المحتاج إلى استحمام" أجدني قد اكتسبت شجاعة أبطال هوليوود ، تقدّمت إلى المقصورة و ما إن نظرت إلى عينَي الّلص المزعوم حتى تملّكني تساءل روتينيّ : لماذا أيّها اللصوص تشتركون في هذه الحواجب الكثيفة و النّظرة الشريرة و الملابس السوداء ؟ حسنا عن الحواجب و النظرة قلنا خلق الله ... لكن الأسواق اليوم مملوءة بعدّة ألوان موسميّة غير الأسود ، بل أنّ الموضة هذه الأيّام هي اللون الزهري حسب صديقي بوعلام !


إستنتجت أنّ اللصوص لا يتابعون الموضة.


إستجمعت كامل قواي و بدات اتقدّم ناحية اللص بتسارع ، حاولت أن أبدو واثقا من نفسي لعلّي أشعره بالخوف ! 
بادر بلكمة مباشرة إلى الوجه لكنّي تفاديتها لحسن حظي وسط اندهاش المسافرين ، رددت بعدّت ركلات متتالية ثم صعدت في تسارع للأحداث فوق كرسي من كراسي القطار و رحت أنفّذ لقطة شهيرة من لقطات المصارعة الحرّة ! اعتقد أنّ السائل الذي شربته ذاك اليوم كان له فضل في نجاح هذه اللقطة ! 
ثم انهلت عليه بالضّربات الواحدة تلو الاخرى بكل وحشية و بدون رحمة ! حتى سقط مغشيّا عليه ، هكذا حسبت نفسي انتصرت و بدأت أفكّر في سيناريو ما بعد الإنتصار! لكن إنتظر! اللصوص دائما يمشون في جماعات ، هذا ما استنتجته من خلال مشاهدتي للأفلام البوليسية و بالفعل كان هذا اللص معه 6 -وفي رواية أخرى4- من أتباعه في ذات المقصورة ، تقدّم الأوّل نحوي و بدون مقدّمات مزّق قميصي .
أعتقد أنّ تمزيق قميصي كانت اللحظة الحاسمة في هذا النزال الاسطوريّ ،  ، قميصي ؟ مالي ؟ شرفي ! عزّتي !! كرامتي !!! تعالوا إلى هنا أيّها الاوغاد ! و إنفجرت غاضبا على الستّة بضربات خاطفة مثل تلك التي يأديها جاكي شان في أفلامه (لكنّي كنت اسرع منه طبعا) 


لقّنتهم درسا لن ينسوه و هو : لا تمزّق أبدا قميص رجل بخيل !





بعد هذه المعركة الأسطوريّة أحسست بأني سبايدرمان الّلعين أو هولك العجيب ، أو ربّما أحسست أنّي القذّافي نفسه! نشوة لا مثيل لها.
إتّجهت ناحية السيّدة و سألتها كما يفعل جميع الأبطال الخارقين : 
- هل أنت على ما يرام يا سيّدتي ؟ 
- أظنّ ذلك .
- من هذا اللص و ماذا يريد منك ؟
-لقد سرق لعبة ابني الصّغير !!!...... أو ربّما كان يداعبه فقط ..  
---------------
أنا و كأيّ جزائري يحترم نفسه لا أملك معنويات ، لا مرتفعة و لا منخفضة ، لكن في تلك اللحظة التي أجابتني فيها السيّدة احسست بشيئ إنخفض بشدّة ! سأحاول التفكير بأن الذي انخفض هي معنوياتي  لأني لا أتقبّل فكرة أن الذي انخفض هو سروالي من شدّة خيبة الأمل !


صرخت في وجه السيّدة بكل ما أوتيت من قوّة بافعال و بغضب شديدين : هل تقولين أنيّ ضربت و شتمت و كدت أموت و تمزّق قميصي العزيز من أجل ... لعبة اطفال ؟ 
في هذه الأثناء وصلت الشرطة (لا أدري لماذا تصل الشرطة دائما متأخرة في كل الروايات و الافلام !) 
عندما وصلت الشرطة و جدت سيّدة مرتبكة و رجل ممزّق الثياب يصرخ في وجهها و مجموعة من الرجال الصالحين الذين(سقطوا في ميدان الشرف و هم يدافعون عن هذه السيّدة المسكينة و عن حقّ ابنها الصغير في الّلعب) 
بعد ساعات من الشرح و التحقيق و الإستجواب في مخفر الشرطة و بعد أن (أخذت علقة) ، عدت إلى المنزل حزينا على عيني التي إزرقّت من ضربات ذاك الشرطي السمين و على قميصي الغالي الذي تمزّق و حفظت الدّرس :


لاتثق في النساء ، دع العمل البطولي لسبايدرمان اللعين و هولك العجيب ، إستقلّ الحافلة. 


-------------------------------------------------------
بقلم الروائي و الكاتب المشهور: أنا (سلسلة سيناريوهات لن تحصل أبدا)

هناك تعليقان (2):

  1. افضل ما قرأت هذا الصباح ،هذا الشهر ، ...

    تخيرلات جميلة فاقت جميع تخيلات ،تهانينا لقد فزت :p

    ردحذف
  2. هههه. من أتيت بكل تلك الأفكار العجيبة...
    :-)

    ردحذف