ملاحظة قبل البدء: التدوينة سياسية، طويلة، مملّة .. يمكنك تخطّيها إذا أردت...شكرا.
كثر الكلام عن الثوار الليبين في كل مكان في العالم العربي و في الجزائر خصوصا ... في المقاهي كلام مستفز و على الفيسبوك كلام فضيع، هنا من يصف الثوار الليبيين بالجرذان و من يصفهم بالخونة الذين باعوا بلدهم و أعطوه للمستعمر على طبق من ذهب، هؤلاء قد وجدوا ما أرضاهم في نهاية القذافي حيث راحوا يصفون الثوار بقلّة الإنسانية و بالوحشية و الهمجية نظرا لما شاب نهاية القذافي من أعمال غير إنسانية، سأحاول أن أناقش جميع الأقوال السابقة و أن أرد عليها من وجهة نظري الشخصية، قد أكون من خطئا ، لكنني على الأقل -في هذه الحظة- أؤمن أن هذا هو الأصوب.
نظام قمعي بقي يحكم الليبين 42 سنة باسم نظرية الثورة الخضراء و الجماهيرية و كتاب أخضر و مش عارف إيه و كل هاذي الخرابيط.. ماشي، أليس من حق الشعب أن يقبله أو يرفضه؟ لمّا انتفض الشعب و خرج في مظاهرات كبيرة قابله النظام بآلة القمع..رأينا صورا مهولة لأجساد مقطّعة من أطفال و شيوخ و شبّان ، ستقول لي أنها كلها صور فبركتها قناة الجزيرة و سأجيبك بأن منظمات حقوقية عالمية أثبتت ارتكاب مجازر مهولة في حق المدنيين في بن غازي و مصراتة، ستقول لي ان المنظمات الحقوقية العالمية أيضا تكذب و سأقول لك: إخرس .. لو نتبع ذلك المنطق سندور في حلقة مفرغة .. لا نصدق صور التلفاز لا نصدق وكالات اﻷنباء العالمية لا نصدق الصحافيين الميدانيين لا نصدق المنظمات الحقوقية العالمية، يجب أن نصدّق القذافي الذي قال بأنه لا توجد أي مظاهرة من أي نوع، القذافي فقط هو من يقول الحقيقة. يا عزيزي قرأت على تويتر عبارة أعجبتني جدّا تقول "قال لي حرية التعبير .. قلتلو حرية التعبير في الدانمارك، هنا إمّا أنك شيّات في صف الديكتاتور و إمّا أنّك ثائر مع الشعب"
الشعب الليبي وجد نفسه وحيدا في مواجهة جيش نظامي يقصف بالدبابات و الطائرات و الأسلحة الثقيلة، ووسط خذلان عربي كالعادة (جزائري خصوصا)، وجد الشعب الليبي يحكم على نفسه باستمرار الإبادة أو الإستعانة بقوّة خارجية (الناتو)، لجأ إلى مجلس الأمن الدولي ، أجمعت دول العالم كلها بشرقها و غربها بعربها و عجمها على شرعية مطالب الليبيين و أصدرت قرار حضر جوي فوق ليبيا، سيتحدث أحدكم بعاطفية و رومانسية كالعادة: إلاّ الإستعمار .. نفنى كلّنا و نموت جميعا و لا يدخل الإستعمار إلى بلدي!، كان على الليبين أن يصبروا وحدهم و لا يستعينوا بالفرنسا و بريطانيا!! ، حسنا سأجيبك : لا يمكنك أن تحكم على الليبيين إذا لم تجرب ما جرّبوه .. تخيّل الطائرات و الدبابات و البواخر تقصف أهلك أمّك أباك و أخوتك و عائلتك ليل نهار من قبل مجنون يصفك بالجرذ ، اليوم ستصبر غدا ستصبر لكن هنالك دائما حدّ لقدرة تحمّل الإنسان ، خاصة إذا رأيت حكومات عربية المفترض أنها شقيقة صامتة لا تتحرّك في وجه المجنون الذي يقتل منك كل يوم ، النظام الليبي هو من كان يجرّ المتظاهرين الليبيين جرّا إلى الإستعانة بالخارج ..هذا واضح في خطابات القذافي و واضح من طريقة القمع ، التدخل الأجنبي هو أفضل حجّة سيجدها ليبرر الإبادة التي كان يتعرض لها الشعب، لو سألتني عن رأيي في التدخل الاجنبي سأرفض طبعا أن يدنّس أي جندي أجنبي بلادي، لكن تعال اسألني و أنا أشاهد أهلي يتقطّعون إلى أشلاء و الدماء تسفك في كل اتجاه .. سأتحالف مع إلبليس من أجل إيقاف هذه المهزلة و كما يقول المثل الجزائر "باش تقضي شغلك ، بوس الذيب من فمّو" يعني لكي تصل إلى غايتك ، قبّل الذئب من فمه، أيضا لا يعجبني ذلك المنطق الغريب : يعني كان على الشعب الليبي بأكمله أن يموت تحت يد آلة القمع بدل أن يستعين بالناتو و إلاّ فهو في نظركم للأسف .. مجموعة جرذان ؟؟ لا بأس فليكن إذن! هاهم ينعمون بالحرية.
الثوار كانوا مرغمين على الإستعانة بحلف الناتو و كانت شروط المجلس الإنتقالي الليبي واضحة : لا نريد جنودا على الأرض، فقط طائرات تقوم بالدعم اللوجيستي .. و هذا ما كان، الآن سيقول أحدكم بنظرة تشاؤمية دائمة لكل ما له علاقة بالثوار: أبشر بفرنسا و بريطانيا التي سيصبح لديها نفوذ في ليبيا، هذه الدول ستتحكم في ليبيا كاللعبة و ستصبح عراق جديدة .. سأجيبك : هذه هي السياسة ، لو أوقفت الجزائر القذافي عند حدّه و دعمت المجلس الإنتقالي و الثوار و الشعب الليبي لكان اليوم لها علاقات استثنائية معهم و لكان لديها نفوذ طيّب معهم ، لكن هذه هي السياسة سنشهد في المستقبل تعاونات اقتصادية قوية بين من ساعدوا ليبيا : قطر الإمارات فرنسا بريطانيا تركيا ، بعد الثورة ستكون لهذه الدول الأولوية في العقود الإقتصادية الخاصة بالبترول و الغاز و هذا مشروع لها، لكن هل ستتحكم هذه الدول في ليبيا و تسير شؤونها كيفما تشاء؟ حسنا إذا كان الشعب الليبي حذرا و واقفا على بلده (وهذا مانرجوه) فأكيد لن يدع أطماع تلك الدول تتحقق في بلده، أمّا إذا ترك ليبيا تعبث بها أيدي القوى الإمبريالية و تتحكم في سياساتها كيفما شاءت فهو شعب لا يستحق الحرية لأنه غفل عن بلده! هكذا ببساطة،، السنوات القادمة هي من ستكشف عن ذلك، إنتهت الحرب ضد الفساد و ضد النظام السابق و الآن بدأت الحرب الأصعب و اﻷكبر و الأشمل على كل ليبي كبير و صغير أن يستشعر المسؤولية و التحدي .. هنالك الكثير من الدول التي تنظر إلى ليبيا على أنّها "دجاج محمّر" يسيل لعابها على بترولها ، هنالك دول أخري تنتظر أدنى خطأ أو تعثّر تقوم به ليبيا لكي تنهال عليها بالضحك و الشماتة و الترحم على أيّام القذافي، و حدها الأيام القادمة من ستكشف عن من كان معه حق، ثقتي و أملي في الشعب الليبي العظيم كبيرة.
هذا من جهة، من جهة أخرى سيقوم عبقري ما: هل رأيت كيف تعامل هؤلاء الثوار مع القذافي؟ إنّهم بدون إنسانية! و سأقول لك أوّل شخص لا يملك ذرة إنسانية هو القذافي، و بغضّ النظر عمّا قام به القذافي لأهالي الثوار من جرائم فضيعة و بغض النظر عن الإستفزاز المتواصل من طرف القذافي للثوار و وصفهم بأبشع الألقاب: الجميع أنكر عليهم ما قاموا به و قالوا أنّه من الأفضل لو حوكم محاكمة عادلة أمام القانون، خطأ قام به مجموعة من الجنود لماذا نعمّمه على جميع الثوار؟ هذا يدلّ على تتبّع لعورات الثوار و زلاّتهم، و أتمنى أن يحاكم من قام بقتل القذافي أمام القانون لتأخذ العدالة مجراها و لنؤسس لدولة عدل و قانون فعلية.
لا توجد ثورة مثالية خالية من الشوائب، حتى ثورتنا ، ثورة التحرير الجزائرية أعظم ثورة في التاريخ كانت فيها بعض التجاوزات، العبرة بالنتائج، و نتيجة ثورة التحرير الجزائرية هي الإستقلال الذي ننعم به اليوم،
مبروك عليكم الحرية و مبروك عليكم الثورة يا أخوتنا في ليبيا و أمامكم طريق طويلة لتعزيز مكانتكم الإقتصادية و السياسية التي أهدرها النظام السابق ، نترجّاكم: لا تجعلونا نترحّم على أيام النظام السابق، لا تجعلوا وطنكم منطقة نفوذ لآخرين، إجعلوا ليبيا منطقة قوى تتحكّم فيها قوى عظمى واحدة فقط ..هي الشعب الليبي العظيم، اجعلوا كل من شكك في وطنيتكم يموت غيضا ، و تحيا ليبيا .. حرّة.
وشووكرن :)
--------
مصدر الصورة
شكرا على الموضوع رغم أنني مللت الكلام فيه حتّى وجدتني أتّهم بقبول الاحتلال وهي صفة لطيفة ممن استحى أن يقول لي يا خائن. (لو كان مسؤولونا أيام الظلم هنا لقالوا قتلة مرتزقة دمويون متعطشون للسلطة على الطريقة الزروالية).
ردحذفالمه، حتى خطأ قتل القذافي من طرف البعض بتلط الطريقة هو من نتائج القذافي، لاحظت أن آخر من كانوا بقربه واللذين يفترض أنهم قتلوه تتراوح أعمارهم بين 20 و 40، هذا يعني أنهم صناعة قذافية بحتة، حفظوا كتابه الموّن و درسوا برنامجه الدّراسي الذي فيه أن الرّحمة لا تكون مع خائن وأن رحمته نوع من العبودية لقوى الشّر!! حتى أنه يعطي أمثلة له1ا بحياة التابعين!)
هو علّمهم شيئا منذ ولادتهم وهم كانوا مطيعين لما برمجوا عليه وفقط. وهو خطأ لا محالة.
شكرا عزيزي عبدو
عفوا أخطأت في كتابة اسمي، باسم أنا (من البسمة) ولست باسنا (من البسينة) :(
ردحذفعزيزي باسن ، الباسينة (و صابون حجرة) كانت هي العون الوحيد للسيدات الجزائريات في الوقت الذي كانت ظروفهن صعبة لا تسمح بشراء آلة غسيل، افتخر يا رجل !
ردحذفأزال أحد مشرفي المدونة هذا التعليق.
ردحذفافتخرنا و أمرنا لله :)
ردحذفكلام جميل .. من اخ جميل ...لن اعلق اكثر فكثير من العقول ليس قابلة للنقاش حاليا ، سنتركها لحينها
ردحذفبوركت عبدو ...